هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

310: ماذا علينا أن نتعلّم في الثلاثين من نيسان؟

الحلقة 310 – ماذا علينا أن نتعلّم في الثلاثين من نيسان؟
(الجمعة 29 نيسان 2005)

غداً الثلاثون من نيسان. وتنتهي ثلاثون سنةً من مرحلةٍ في لبنان سَمّاها البعضُ “احتلالاً” سورياً، والبعضُ الآخَر “حُضوراً” سُورياً، فلْنُسَمِّها نَحن، اصطلاحاً، “الحالة” السورية.
مع انتهاء الثلاثين عاماً وجلاء الجيش السوري عن لبنان، نتذكّر قبل ستين عاماً جلاء الجيوش الأجنبية عن لبنان عام 1945 وانتهاءَ عهد انتداب فرنسي حسمه استقلال 1943.
حاصلُه: ما لنا ولانتهاء الستين عاماً ولْنَركِّز على انتهاء الثلاثين عاماً وما جرى خلالها لا سورياً بل لبنانياً.
أيّام سفر برلِك تعاونَ لبنانيُّون مع العسكر العثماني، سراً وعلانيةً، حتى إذا انتهت أربعمئة سنة من العَثْمَنَة وانسحب العثمانيون من لبنان عام 1918 لم يجد أولئك اللبنانيون المُتَعَثْمِنون سقفاً يَحميهم ولا زعيماً يؤويهم فتشرّدوا خَوَنةً مهزومين، تَماماً كالمواطنين الفرنسيين الذين تعاونوا مع الالمان فسُمّوا “بيتانيين”، تَماماً كيوضاس الذي سلّم المسيح بقُبلةٍ لقاء حفنة فضيات فسُمّي أشباهُهُ يوضاسيين، تَماماً كعبدِالله بن مُلْجَم الذي اغتال الإمام عليّ العظيم فسُمّي أشباهُهُ مُلجميين.
ماذا علينا أن نتعلّم في الثلاثين من نيسان؟
نتعلّم أن ننظر إلى مَن بيننا مِن يوضاسيين وبيتانيين ومُلجميين. نَحترم مَن تعاملوا مع الحالة السورية سياسياً لِمصلحة لبنان حين كان لبنان يتعامل مع هذه الحالة على مستوى دولة مع دولة. ولكن لا نَحترمَنَّ مَن كانوا بَيننا وُصوليين تعاملوا مع الحالة السورية لا لِمصلحة لبنان بل لِمصلحتهم الخاصة وُصُولاً إلى نيابةٍ أو وزارةٍ أو مديريةٍ عامة أو وظيفة أو مسؤولية أو سفارة أو منصب أو عمل أو شغل أو تِجارة أو رخصة أو زعامة أو مهنة أو استقواء أو سيطرة أو رُبْح قضيّة أو تشاوُف أو ادّعاء، … كلُّ هذا والحالةُ السورية كاشفةٌ أمرَهم وكانت تتعامل معهم بازدراءٍ ولو خدمتهم، وباحتقارٍ ولو أوصلَتْهُم.
ماذا علينا أن نتعلّم في الثلاثين من نيسان؟
في الثلاثين من نيسان، ومنذ اليوم وبعد اليوم، نتعلّم أن تتّجه أنظارُنا المحاسِبَة إلى هؤلاء الذين بيننا انسحب عنهم الغطاءُ السوري فأصبحوا في مُجتمعاتهم المحلية مكشوفي الرأْس والفضيحة.
ماذا علينا أن نتعلّم في الثلاثين من نيسان؟
في الثلاثين من نيسان نتعلّم أنَّ هذه نهايةُ البيتانيين واليوضاسيين والمُلجميين وكلِّ من يستقوي على أبناء وطنه بِمَن مِن خارجِ وطنه، حتى إذا خرج هذا الخارج انتهى الداخليون منبوذين من الداخل ومطرودين من الخارج… لا مكان لهم في الداخل ولم يعُد لهم مكانٌ في الخارج، فلْيَقفوا في العراء والخواء.
بلى: لا مكانَ بين اللبنانيين الشُرفاء الأوفياء لِمن يَتعيّشون من نعمة الغير ومَن يَغُرُّهُم رنينُ الفضة فيبيعون بِحفنةٍ عابرةٍ منها شلحاً ثابتاً من أرز لبنان.