هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

303: نداء ثان إلى الرئيس نجيب ميقاتي

الحلقة 303 : نداءٌ ثانٍ إلى الرئيس نجيب ميقاتي
(الأربعاء 20 نيسان 2005)

دولة الرئيس الشاب،
أياً تكن قدرتُها هذه التشكيلة الوزارية الجديدة، فالآمالُ المرصودةُ عليها أن تُقلِعَ من حيث لم تُقلِع سابقاتُها.
يعني أن تُقْلِع من العلْم لا من المعلوم، من الخبرة لا من الموروث، من النصوص والدستور والقانون والمعادلات العلمية الأكاديمية لا من منطق تسيير أعمال الوزارة والاتكال على مدير عام خاضع عادةً لمزاجية الوزير وقرارات الوزير وأوامر الوزير وتهديدات توقيع الوزير، حتى ينشَلّ عملُ المدير التكنوقراطي بقرارات الوزير السياسي.
دولة الرئيس الشاب: هذه الحكومة الشهرينية الجديدة، مُنتظَرٌ منها أن تَخلق صدمةً إيجابية تكون “بروفا” لحكومةٍ تاليةٍ أطولَ عمراً إذا أقلعت هذه الحكومةُ من مكانٍ آخَر، من مكانٍ جديد، من معيار خبرة وزرائها، كلٌّ في حقله، ورصانة وزرائها في إغلاق أبوابهم عن المراجعات السياسية والضغوط السياسية وبطاقات التوصية من “بيت بو سياسة” بأزلامهم ومَحاسيبهم، فيعمل الوزراء الجدد على الملفات أمامهم، يُنجزونها كاملةً، ويعطونها الوقت المطلوب لكل ملفٍّ حتى إنجازه وإتمامه وتحويله إلى التنفيذ. ذلك أننا تعوَّدنا رؤية معظم الوزراء السابقين، من غير شر، يملأون صالونات الحفلات والكوكتيلات والزيارات والاستقبالات وتلقي الاتصالات والمراجعات من رعايا مناطقهم الانتخابية وتسهيل شؤون ناخبيهم وتمضية الصبحيات معهم في مكاتب الوزارات وقبول دعوات الغداء والعشاء، والملفات على طاولاتهم متروكةٌ أو مؤجّلة أو ملقاةٌ على عهدة المدير العام الذي لا يحظى بموعد مع وزيره للفوز بتوقيعه الكريم.
يا دولة الرئيس الشاب: الصدمة الإيجابية المطلوبة من هذه التشكيلة الحكومية، أن يكون وزراؤُها وزراءَ وزارتهم لا أصداءَ زعمائهم السياسيين، وأن يأتوا إلى جلسات مجلس الوزراء لتنفيذ ما في ملفاتهم لا لنقل آراء زعمائهم السياسية إلى طاولة مجلس الوزراء.
صدمةً إيْجابيةً، يا دولة الرئيس الشاب، ولْينصرفْ وزراءُ حكومتك إلى تحقيق مهمة الأسابيع الضئيلة التي أتت لتحقيقها هذه الحكومة، وتالياً تحقيق مطلب جميع اللبنانيين بإجراء الانتخابات في موعدها. وهذا لا يكون إلاّ بالإشاحة عن الزواريب السياسية والانصراف إلى الطرق الأكاديمية العلمية في التعاطي مع الملفات الدستورية والقانونية والعدلية والاقتصادية والمالية، فيجتاز لبنان هذا القطوعَ الاستحقاقي الخطير، وينجو من الخطر المصْلَت فوق رأْس اللبنانيين الذين لم يتظاهروا “مَلْيُونيّاً” كي تَجيء حكومةٌ عتيقةٌ بطريقة عتيقة ووجوه عتيقة ومعايير عتيقة وأساليب عتيقة.
وبهذه الصدمة الإيْجابية الشابة، يا دولة الرئيس الشاب، تضمنُ ألاّ تكون حكومتُك واقفةً في المنطقة الرمادية، بل في المنطقة البيضاء التي ينتظرها اللبنانيون بعد مساحات المناطق السوداء في توزيرات الأَسابيع الماضية.
الصدمةَ الصدمةَ يا دولةَ الرئيس الشاب… وإلى لقاءٍ آخرَ غداً، في نداءٍ جديدٍ إليك.