هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

297: 30 عاماً. 2) من ساحة عين الرمانة إلى ساحة الحرية

الحلقة 297: ثلاثون عاماً… فماذا تَعَلَّمْنا؟
الجزء الثاني: من ساحة عين الرمّانة إلى ساحة الحرّيّة
(الثلثاء 12 نيسان 2005)

لم تُشْعِلِ النارَ في باص، رصاصاتُ عين الرمانة، بل فجَّرت ما كان مُحتقِناً في قلوب مليانة.
يومها، عشيّة 13 نيسان 1975، كان الحِقْدُ على الدخلاء يتجمَّع، والغضبُ على تراخي الدولة يتجمَّع، والشحنُ الفئويُّ بين الفصائل يتجمّع، والنقمةُ على تَجاوزات الغرباء تتجمّع، وتتجمّعُ الثورة في قلوب الأهالي على المتواطئين والمتعاونين مع الدُّخَلاء والغرباء، وأخَذَ كلُّ هذا الاحتقان يكبَر يكبَر بركاناً يتهيَّأُ حتى لم تبقَ سوى الشَّرارة، فجاءت الشرارة في رصاصاتٍ على باص عين الرمانة، وكان ما كان، وتناسَلَ هذا الـ”ما كان” حرباً آخرينيةً في لبنان من لبنان على لبنان… كان ذلك قبل ثلاثين عاماً… فهل تعلَّمنا؟ طبعاً تعلّمنا… وكثيراً تعلّمنا… وكثيراً علّمنا.
عشيّة 13 نيسان 1975: كان كلُّ الجوِّ مُهَيَّأً للتفَسُّخ. عشية 13 نيسان 2005: كلُّ الجَوّ مُهَيَّأٌ للتوحُّد.
في مثل هذا الأُسبوع قبل ثلاثين عاماً: كانت الأرض خصبةً للتزعزُع فتزعزَعت. هذا الأُسبوع، في ذكرى الثلاثين عاماً: كلُّ الأرض خصبة للوِحدة والتماسُك، ولن تتزعزع.
بلى… بلى… تعلّمنا الكثير بعد ثلاثين عاماً.
تعلَّمْنا ألاّ نُسلِسَ وطننا لأحدٍ سوانا، وألاّ نصدّقَ ديْماغوجيا معظم “بيت بو سياسة” المنقادين أو المنحازين أو المستسلمين أو المستزلِمين أو المتواطئين أو المغفّلين.
تعلّمْنا أنّ شعبنا واحِدٌ موحَّدٌ قبل “بيت بو سياسة” ومن فوق “بيت بو سياسة” وبِمعزل عن “بيت بو سياسة” وبدون إذن “بيت بو سياسة” وبدون إشارة “بيت بو سياسة” وبعيداً عن “بيت بو سياسة”.
تعلّمْنا أنّ شعبَنا اليوم، شعبَنا الرائعَ اليوم، لن تُزعزعَه مُحاولاتٌ داخليةٌ ولا خارجيةٌ، عربيةٌ ولا غربية، مَحليّةٌ ولا أجنبية، لتفرقتِه أو تقسيمِه أو شرذمتِه.
تعلّمْنا نرفضُ أن تنفصلَ أيدينا عن بعضنا البعض في مسيرة استرداد الوطن من يوضاسيّيه وجلاّديه ومُلْجَمييه وسائر ليستَة الخونة.
تعلّمْنا أنْ لا قوّةَ في الدنيا يُمكنها، اليوم وبعد اليوم، أن تُقيمَ حواجز بين أعضاء الوطن وأجزاء الوطن ومناطق الوطن وأَبناء الوطن.
تعلّمْنا أن نرفض الطارئين واليوضاسيين والبطرسيين والمزيّفين.
تعلّمْنا ألاّ يكونَ لنا إلاّ ولاءٌ واحدٌ وحيد: للبنان اللبناني، لا للأشخاص ولا للزعماء ولا للرؤساء ولا للأوصياء ولا للدخلاء، بل للبنانَ الوطن اللبناني شعباً حياً رائعاً وأرضاً موحَّدةً وكياناً مُشعّاً على العالم.
تعلَّمْنا أن نَخرجَ من لبنان المزرعة السائبة، لندخُل في لبنان الوطن الدولة المستقلّة القرار.
تعلّمْنا، إذ تَفرَّقنا في ساحة عين الرمّانة، أن نتجمّع في ساحة الحرّيّة.
ماذا تعلّمنا بعد؟ غداً نلتقي ونُكمل. فإلى الغد.