هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

289: رسالة وفاء إلى شباب لبنان

الحلقة 289: رسالة وفاء إلى شباب لبنان
(الخميس 31 آذار 2005)

كنا نظنُّهم بعيدين، ذوي اهتمامات بعيدة عن الجوهر، سطحيةٍ أو هامشية. وكنا نخاف على غدنا منهم.
إلى أن وقع زلزال 14 شباط، وهببنا فوجدناهم هَبّوا أمامنا، وصرخنا للبنان فوجدناهم صرخوا أعلى منّا، وهرعنا نَحضُن لبنان فوجدناهم حضنوه قبلنا، وهتفنا للبنان اللبناني فوجدناهم يهتفون بأعلى منا ويُنادون بلبنان مستقِلٍّ حُرِّ الرأْي والقرار، وحَملنا العلم اللبناني فوجدناهم يُحيطوننا به ويَرفعونه على جبينهم وعلى صدورهم وعلى شعشعة عيونِهم تلتفت إلى فوق، إلى اعتزازهم بوطنهم، وحرصِهم عليه، وتَمَسُّكهم به كما لم نكن نَحلم أن يَحلموا.
هؤلاء هم شباب لبنان وصباياه، آباءُ لبنانيين غداً وأمهاتُهم، الجيلُ الجديدُ الذي أدمعت عيوننا فرَحاً وغبطةً أن نراه يفوقنا حَماسةً للبنان، وتَمَسُّكاً بلبنان، وسعياً إلى لبنانَ المستقلّ السيّد الحُرّ المُحَرَّر.
فيا أحبابنا شبابَ لبنان وصباياه، كما جَمَعَتْكُم عفوياً وتلقائياً وطوعياً وطبيعياً خيامُ ساحة الحرية في قلب بيروت، فالتقيتُم من كل لبنان وتعارفتم وتعانقتم، هكذا فلْتضمَّكم ساعاتُ لبنان كلُّها وساحات لبنان كلُّها، ولْتلتقوا دوماً في خيمة لبنان الواحدة، على امتداد أرض لبنان الواحدة، تصهَرُكم بوِحدتها المُقَدَّسة.
وإذا كنتم اليوم، تأْخذُكم حُمَيّا الاستقلال، وحمأَة الحرية، وحماوة السيادة التي تحتاجكم اليوم أكثر من أي يوم تواصلون التفافَكم حولها، فلْتظَلّوا هكذا غداً بعدما ترجِعون إلى مواقعكم وجامعاتكم ومدارسكم ومؤسساتكم، ولْتظلوا تلتقون من كل لبنان في كل لبنان، ولْتتعارفوا مع بعضكم البعض، ولتتعَرّفوا إلى بعضكم البعض، ولتعترفوا لبعضكم البعض بأنكم لن تقعوا في ما وقع عنده آباؤُكم من أغلاط وانقسامات موزاييكية مذهبية وعقائدية وسياسية، ولْتؤسِّسوا لوطنٍ غداً على صورتكم اليوم: وِحدةً في التوجُّه، وِحدةً في الحرص، وِحدةً في البناء، بناءِ لبنانَ الواحد الموَحَّد الموحِّد الأوحد، وَطناً تَحضنونه بِحبِّكم إياه وعملكم من أجله.
يا أحبابَنا شبابَ لبنان وصباياه، أنتم فجرُنا الطالع مع فجر لبنان الجديد، فلا تقترفوا من الجيل الذي سبقكم فسيفساءاتِ أخطائه الإيديولوجية والعقائدية والمذهبية والطائفية والسياسية والفئوية والمناطقية والاستزلامية والعشائرية والزبائنية، ولا تقفوا على الأغصان من شجرة الوطن، بل تَجَمَّعوا وتراصُّوا كتلة واحدةً، ضَمّةً واحدةً، وجذعاً واحداً لا يشبهه في التماسُك والانتماء إلاّ وحدَه وحدَه… جذعُ أرزة لبنان.