هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

276: لبنان الطالع من زمان الغضب والتغير

الحلقة 276: لبنان الطالع من زمان الغضب والتَّغَيُّر
(الاثنين 14 آذار 2005)

“يا وطني الحزين… حوّلْتَني بِلَحظةٍ من شاعرٍ يكتُب شعر الحب والحنين… لشاعرٍ يكتب بالسكين”.
صرخَها نزار قباني عند ارتطامه بالحقيقة المُرّة غداة حرب 5 حزيران وبعد استفاقة العرب على النكسة التي، قبل ساعاتٍ، ظلّت أبواقُ الأنظمة العربية تصوّرها انتصاراً ساحقاً على إسرائيل حتى صحا العرب بعد ستة أيام ليكتشفوا كل ما سمعوه من الإعلام على ألسنة أسياد الأنظمة كان كذباً وتضليلاً لجماهير الشعب العربي الكادح.
هكذا إذاً، بعد ليل التضليل الإعلامي العربي والديماغوجيا الإيديولوجية العربية واستهتار الأنظمة السياسية العربية، أشرقت شمسُ الحقيقة ففضَحَتْ كلامَ الليل وذابَ ثلج القادة والسياسيين العرب على صخرة الحقيقة المُرّة.
ما يَحصل في لبنان اليوم، ليلٌ قارب أن ينجلي، وثلج قارب أن يذوب.
شعبُنا اليومَ يعرف أنه صحا على فجرٍ غيرِ ما كانت ليلتهُ، حين غفا شعبُنا مطمئناً إليها، ككل ليلٍ آخَر كان ينامُهُ شعبُنا مطمئنّاً الى ما يسمعه من المراجع الرسمية في نشرات الأخبار. غير أنّ الفجر الذي أطل على زلزال، كشفَ الثلجَ الذي ذاب، فُفُجِعَ الشعبُ مرتين: أولى بشهيد العصر الذي سقط بين ركام الزلزال، والأُخرى بِما كشف عنه ركامُ الزلزال من هشاشةٍ رسميةٍ، وعمارةٍ حكوميةٍ كان شعبُنا يظنُّها متينةً وقويةً وسقفَ أمانٍ وسماءَ طُمأْنينة، فإذا هي عمارةٌ كرتونيةٌ تُخيف ساكنيها لِتَعَرُّضُهِم عند أقل هبة ريح لـذرّ ساكنيها في مهب الريح. لذا صحا الشعب اليوم على فاجعة الليل، وأَراد فجرَه أن يكون فجر لبنان الطالع من زمان الغضب والتغير.
وإذا كان في السائر الشعبي مَثَل “عند تغيير الدول، إحفظ رأْسك”، فشعبنا اليوم يُخاطب دولته صارخاً: “عند زمان الغضب والتغيُّر، إحفظي رأْسَكِ”. فإما تَحفظ رأْسَها الدولة وتُصغي لشعبها، وإما فجر الغضب والتغيُّر سيكشف وطاويط الليل وما خططوا له تحت أجنحة الليل، وفجر الغضب والتغيُّر سوف يُطيح كلَّ هشاشةٍ وكلَّ ارتِجالٍ، وسوف يكشف جميع الأقنعة المزيفة حتى تَبانَ الوجوه على حقيقة الوجوه.
الحقيقة! هي ذي غاية أبناءِ شعبنا اليوم، وحدها الحقيقةُ يعرفونها فتحرِّرُهم من الخوف، لأنهم صاروا خارج الخوف من الخطر، على قاعدة شاعرهم الكبير، شاعرِ لبنان سعيد عقل:
وقال من خطر نَمضي الى خطر؟؟ ما هَمّ! نَحن خُلِقنا بيتُنا الخَطَرُ !