هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

266: نداء… نداء… نداء… إلى الكتاب اللبنانيين

الحلقة 266: نداء… نداء… نداء… الى الكُتّاب اللبنانيين
(الاثنين 28 شباط 2005)

للسياسيين أن يُخطِّطوا ويتواجهوا، للمواطنين أن يتظاهروا ويعتصموا، للصِحافيين أن يتابعوا ويعلّقوا، ولكم أنتم أن تَمتشقوا أقلامكم، تَغُطُّوها بِحبر الحرية والكرامة، وتكتبوا. وعاجلاً أن تكتُبوا. وفي كل مكانٍ أن تكتبوا. الصحف أمامكم والْمجلات بالعشرات، الإذاعات مفتوحةٌ لكُم. التلفزيونات تستقبلُ نصوصَكم، فاكتُبوا. وسائل الصحافة والإعلام مُجيَّشَةٌ لقولة الحق والحقيقة، فلن تُعْدَموا منبراً صحافياً ولا إذاعياً ولا تلفزيونياً، فاكتُبوا.
كل شيءٍ آخَرَ اليومَ مؤجَّل، إلاّ الكتابة، فاكتُبوا. كلُّ موضوعٍ آخَر اليوم مؤجَّل، إلا موضوعاً واحداً لا إلاّه اليوم، لا إلاّه، لا إلاّه: حرية لبنان، والكرامة اللبنانية.
اليومَ اليومَ وقتُكم، فاكتبوا. من أجل لبنانَ اكتُبوا. في سبيل لبنانَ اكتُبوا. على اسم لبنانَ اكتُبوا. بأصوات شعبه الْمنتفضِ اكتُبوا. بضمير شهداء لبنانَ الأحرارِ اكتُبوا. من وحي المقاومة اللبنانية في الجنوب اكتُبوا. على صفحات الأمهات الثكالى والأطفال اليتامى والزوجات الأيّمات اكتُبوا. لا موضوعَ اليومَ إلاّ واحداً: لبنانُ اللبناني، فاكتبُوهُ اكتُبوهُ. اكتبُوا لبنانيَّتَكم قبل أي انتماء آخَر. كونوا كما شئتم أن تكونوا، من اي اتّجاه كنتم، الى أية عقيدةٍ انتمَيتم، الى أي حزبٍ انتسبتُم، الى أية جهةٍ كنتم مَحسوبين، جميعُها الآن مؤجَّلة، فاكتبوا لبنانيَّتَكم ثم عودوا الى حيثما شئتم تعودون.
لا عقيدةَ اليوم إلا واحدة: لبنان اللبناني. لا انتماء اليوم إلا واحداً: لبنان اللبناني. فاكتبوا لبنانيتكم وبها بشروا شعبكم، لأنكم إذا فقدتم لبنانيتكم تشردّتم على أرصفة الْهُويات فلن تعودَ تنفعُكم انتماءاتُ الدنيا كلُّها. لبنانيتُكم أوّلاً، ثم كونوا بعدها ما شئتم أن تكونوا.
أقلامَكم فامتشقوا، وجيِّشوا شعب لبنان على الحرية والكرامة، على لبنان الذي قاله الحبر الأعظم لا وطناً عادياً بل رسالة. فلتكن أقلامُكم في خدمة هذه الرسالة التي إذا وعّيتم عليها شعبَ لبنان، عرف أكثر لماذا يثور ومن أجل ماذا ينتفض.
أيُّها الكُتاب اللبنانيون، اليومَ يومُكم، فامتشقوا أقلامكم لا سيوفاً بل ضمائر. إن الناس قد تتعدّدُ ميولُهم ومذاهبُهم وطوائفُهم وأديانُهم وانتماءاتُهم وعقائدُهم وأحزابُهم، لكنهم يتوحَّدون ويتّحدون على حقيقة واحدة: الوطن الحامي الراعي الملاذ، فاكتبوه لهم هذا الوطنَ الملاذ، وكونوا أنتم ملاذَهم الى وطن واحدٍ هو لبنان اللبناني.
ويا تعس الذي يفرّط بهُويّة وطنه من أجل هوية مستعارة، لأنه ينتهي مشرّداً على رصيف دولٍ لا تحترم من يتخلّى عن هويته الأُولى، وتراه غير جديرٍ بأية هُويّة أُخرى.
أيها الكتاب اللبنانيون، اليومَ يومُكم، الزمن زمنُكم، الوطن وطنُكم، فامتشقوا أقلامكم، واكتُبوا لبنان.