هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

246: الأوتوستراد الدائري وتجميد أراضي الناس

الحلقة 246: الأوتوستراد الدائري وتَجميد أراضي الناس
(الاثنين 24 كانون الثاني 2005)

الذي عرف طرقات الولايات المتحدة الأميركية، يعرف أنّ فيها خطاً سريعاً، خطاً عريضاً واحداً يعبر جميع الولايات الخمسين من أقصى شمالها في فيرمونت، الى أسفل جنوبها في ميامي فلوريدا.
والذي ينظر الى خارطة الولايات المتحدة يرى هذا الخط السريع ماراً في المدن والبلدات والغابات والسهول والجبال وفوق الوديان والأنهار على جسور عالية وطويلة وهائلة، حتى أن العابر لا يشعر بأي تعب أو جهد في اختراق هذه الولايات واحدةً بعد الأُخرى في سهولة استدلالية فائقة.
وفي كل ولاية أو مجموعة مدن، أوتوستراد دائري سريع يسهّل المرور بوقتٍ أقَلّ، ويوفر عناء زحمة السير داخل المدن والبلدات.
لماذا كل هذه المقدمة؟ وأين نحن من ذلك؟
لماذا؟ لأن مواطناً من المتن الشمالي، سألني عدم ذكر اسمه، قال لي إن منطقة الزلقا – جل الديب – أنطلياس، وما يوازيها في الداخل الساحلي، مُخَطَّطٌ لها منذ مشروع إيكوشار في مطلع الستينات، أن يمر فيها أوتوستراد عريض دائري يتصل بمنطقة المكلّس، وهو المفروض أن يربط شمال لبنان بجنوبه. عال. ومن أجل هذا المشروع، تم تجميد الأراضي الواقعة في هذه المنطقة بإشاراتٍ عقارية تمنع بيع هذه الأراضي أو التصرُّف بها. كمان عال. ولكنّ الحاصل أن هذه العقارات الواقعة في هذه المنطقة المذكورة، وربما في سواها أيضاً، مُجمّدة منذ أربعين عاماً: يدفع أصحابها الضريبة العقارية السنوية لوزارة المالية، مع أنهم لا يستطيعون بيعها ولا شراءها ولا استثمارها ولا الحصول على رخصة بناءٍ فيها.
ولا ينفكّ المعنيون بهذه الأراضي الشاسعة الميتة يراجعون المسؤولين، والمسؤولون إجمالاً إما لا يعرفون وإما يسوّفون إذا كانوا يعرفون.
ومع أن مشروع إيكوشار صار في عالم الغيب، والأوتوستراد الدائري ما زال في عالم الغيب، لا يزال المواطنون، منذ اربعين عاماً، محرومين من الشراء والبيع والاستثمار في منطقة حيوية جداً من المتن الشمالي، وربما في مناطق أخرى كذلك، من أجل هذا المسمى المنتظَر الأوتوستراد الدائري.
وإنها، هذه الظاهرة، بادرةُ تقصيرٍ أُخرى تحفزنا الى السؤال ذاته الذي لا ننفكُّ نطرحه في هذا البرنامج باسم المواطنين: الوزراء الذي يتعاقبون على الحكومات المتالية عندنا: شو بيشتغلو؟