هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

242: جمع النفايات في “أزحم الأوقات”

الحلقة 242: جمع النفايات في “أزحم الأوقات”
(الثلثاء 18 كانون الثاني 2005)

تَحدَّثْتُ مراراً في هذا البرنامج عن أهمية جمع النفايات في المدينة وفضله في إبقاء مدينتنا نظيفةً ولائقة.
لكنّ هذه النظافة نراها في جميع البلدان التي نسافر إليها، من دون أن نرى شاحنات النفايات تَجول بين البيوت والأحياء وفي الشوارع الضيقة الْمكتظة، تَجمع النفايات في أشدّ ساعات الزحمة.
الْحاصل عندنا أنّ شاحنات جمع النفايات لا يَحلو لها جمع النفايات إلاّ في عزّ ساعات النهار، وفي ساعات زحمة السير، وفي ساعات مرور أوتوكارات الْمدارس، وفي ساعات حركة السير التي تضج بها شرايين طرقات المدينة لأن الناس يذهبون الى أعمالِهم أو يتجوّلون على أعمالِهم أو يصرّفون أعمالَهم، فيفاجَأُون بشاحنات جمع النفايات تسدّ الشوارع الضيقة، تقف في وسط الطريق، تأخذ وقتها في حمل المستوعبات وإفراغها، وإذا تذمّر المواطنونَ انهال عليهم سائق الشاحنة بعنترياته الوقحة، وهو يتمشى حدّ الشاحنة ويدخّن سيجارته على مهلٍ ويُمارِس ساديّته “السلطانية” على كل الشارع ويأخذ وقته بالانتقال من مستوعب نفاياتٍ الى الْمستوعِب الآخَر في الشارع الضيق نفسِه، ولا يزعج نفسَه بالتوقف على طرف الطريق كي يفسح في المرور للسيارات المنتظرة في الشارع.
هذه الصرخة يطلقها المواطنون كل يوم، ويتصل بي مواطنون ينقلون إليّ هذه الشكوى التي لا يَجدون لها إنقاذاً من هذا العذاب اليومي يسبّبُه جمع النفايات في “أزحم الأوقات”، وهو في بلدان العالم يتمّ في ساعات الليل المتقدّمة حين يخفّ السير وتخلو الطرقات من المواطنين، وتبقى الشوارع في النهار لتجوال المواطنين. فليقم المعنيون عندنا بدراسة حركة السير في ساعاتها القُصوى وساعاتها الدُّنيا في كل منطقة على حدة، وعلى ضوء هذه الدراسة فليتمّ جمع النفايات، وإلاّ سنبقى تيتي تيتي: ارتِجال في التصرف، بدون دراسة ولا استناداً الى إحصاءات، وستبقى هذه الدولة الشوساء سائرةً الى الْمهوار، لا عن سرعةٍ بل عن تسرُّعٍ في اتّخاذِ قراراتٍ أقرب نتائجِها أن تؤدّي… الى الْمهوار.