هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

221: من نفايات الزبائل إلى جمالات الخمائل

الْحلقة 221: من نُفايات الزبائل الى جمالات الخمائل
(الاثنين 20 كانون الأوّل 2004)

فيما تقوم القيامات في الوطن على عدم تصريف أكوام النُّفايات وجبال الزبائل هنا وهناك وهنالك، من أقصى عكارنا الى أقصى ناقورتنا، تعمل هي، بكل بطءٍ وتأَنٍّ وإتقان، على تحويل النُّفايات الىجمالات والزبائل الى خمائل. معرضها حالياً في القاعة الزجاجية، وزارة السياحة، الحمراء، حتى آخر هذا الشهر، شاهدٌ حيٌّ على هذه الظاهرة.
إنها حنان بارودي، مؤسسة مشغل “ماي هوبي” في طرابلْسِنا العزيزة، ومنشئةُ ظاهرة تحويل الزبائل الى خمائل والنُّفايات الى جمالات، وتعنون معرضها الحالي بكل جرأة: “النُّفايات ثروةٌ إذا أردنا”. كيف تكون النُّفايات ثروة؟ من علب الكرتون المهملة، من ورق الصحف العتيقة، من علب التنك الفارغة، من فضلات الفلين المرمية، من صواني علب الحلويات، من أكياس النايلون المتروكة، من القوارير الزجاجية والبلاستيكية المستعمَلَة، من اوراق الشجر اليابسة، من عيدان المكانس المفككة، من فتافيت الخبز المكسرة، من نرابيج الأركيلة المستهلكة، من علب المرطبات وقناني المشروبات الغازية، من الأعشاب والبذور المحنّطة، من عرانيس الذرة المعلوكة، من عجينة الخبز المكرر، من المغلفات المطبوعة وبطاقات الدعوة البائتة، من الأكياس القماشية الممزقة، من علب الحليب وبقايا الفاكهة والخضَر وأكياس الخيش وبقايا القماش، وأية نفايات من مهمَلات المواد البلاستيكية والزجاجية والمعدنية والقماشية والورقية، ومن كل ما يخطر بالبال من نفايات تجد طريقها عادةً الى براميل الزبائل، تتناولها حنان بارودي وتحوّلها قطعاً فنية تليق بأفخم الصالونات، من مرايا وطاولات ومزهريات وبراويز وتنسيقات زهورية وأكسسوارات وكونسولات ولوحات تركيبية مزخرفة وسلال وأشكال زينة وهدايا وألعاب وأدوات، ونتاجات قد لا تخطر ببال من نفايات لا يحصرها بال، تتحول مع حنان بارودي الى استعمالات نافعةٍ ومفيدةٍ للبيت والمكتب والهدايا، يُفيد منها حالياً تلامذة المدارس الذين يأتون الى معرض حنان بارودي ويصغون الى محاضراتها في تنقية بيئتنا من زبائل يمكن أن يحوّلوها الى نفائع جميلةٍ ونقيّة.
كل ما تحمله حنان بارودي: ذكاء لبناني خلاّقٌ يحول الزبائل الى خمائل، والنُّفايات الى جمالات، وينظّف بيئتنا من رواسب سامة قاتلة، فتنقى بيئتُنا وتزهو، فيا ليت لدى حنان بارودي طريقةً تجعل بيئتنا نظيفةً لا من نفايات الناس، بل من بعض الناس الذين يسممون بيئتنا بنفايات آرائهم ومواقفهم فيجعلون البلاد، على صورتهم، مكبّ نفايات… بشرية.