هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

154: رؤساء حكومات لبنان كما عرفتهم

الحلقة 154: رؤساء حكومات لبنان كما عرفتُهُم
(الخميس 16 أيلول 2004)

من أقرب أنواع الأدب إلى القلب والبقاء: كتابة السيرة، خصوصاً إذا قُدِّرَ لها أن تنكتب بقلمٍ نابضٍ يعرف كيف يُبعِد الرتابة عن السرد، وكيف يشوِّق قارئه إلى الاستزادة.
زميلنا العريق حكمت أبو زيد، ضَمَّ إحدى وثلاثين سنةً من عمله الصحافي في رئاسة الحكومة، وأصدرها في كتابه الشيِّق “رؤساء حكومات لبنان كما عرفتُهم”، وهو شريط مشوِّقٌ فعلاً لسنوات حكمت أبو زيد مستشاراً إعلامياً في رئاسة الحكومة، من 20 كانون الثاني 1969 إلى 27 تشرين الثاني 2000، إحدى وثلاثين سنةً مليئةً بالأحداث والأعمال والأعلام، كتبها حكمت أبو زيد باسلوب روائي أوتوبيوغرافي نابض، يحبس في صفحاته أنفاس القارئ فتغريه قراءة صفحةٍ بعدُ وصفحةٍ بعدها، ولا ينكفئُ القارئُ إلاّ مع الصفحة الثالثة والأربعين بعد المئة، في هذا الكتاب الذي عرفت “دار النهار” كيف تنشره في أناقةٍ توازي أناقة المضمون.
إنه “قلم شفيف وكلام حصيف” كما كتب صاحب المقدمة السفير فؤاد التُّرك، الذي قال عن زميلنا حكمت إنه “إعلامي لامع وكاتب موثوقن حريصٌ على الأمانة، وعلى شرف المهنة، جلودٌ على المثابرة والمتابعة، ذو قلمٍ نقيّ الطويّة، أنيق البثّ، مكتمل المراس، مرماه الأخير للحق والحقيقة، والإخلاص لِمن عمل إلى جانبهم، والبِرّ بلبنان”.
ولعلّ كلام السفير فؤاد الترك يَختصر كتاب حكمت أبو زيد في ذكرياته مع عشرة رؤساء حكومات: رشيد كرامي، صائب سلام، أمين الحافظ، تقي الدين الصلح، رشيد الصلح، نور الدين الرفاعي، سليم الحص، شفيق الوزّان، عمر كرامي، ورفيق الحريري.
واليوم، وحكمت أبو زيد غادر مكتبه في رئاسة الحكومة، تبقى لنا صفحاتُه الزاخرة بالذكريات، في كلمة مسلوخةٍ من ذاكرته البعيدة. وما أروع أن تتقوّض الوظائفُ والمسؤولياتُ جميعاً، ووحدَها الكلمة تبقى متوغّلةً في ذاكرة الزمان.