هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

150: أكشفوا أسماءهم لتفضحوهم أو تنصفوهم

الحلقة 150: أُكشفوا أسْماءهم لتفضحوهم أو تنصفوهم
(الجمعة 10 أيلول 2004)

صباح الجمعة الماضي، تَماماً كما اليوم، وفي حلقة “على طريقتي” من “صوت لبنان”، تناول شاعرُنا الكبير جورج جرداق موضوعاً أَساسياً لطالَما تَحدّثنا به وناقشناه مع المعنيين، هو ذكْرُ كاتبِ الأغنية وملحّنِها عند بثّها، وعدم الاكتفاء بذكر الصوت الذي يؤدّيها.
وفي هذا إضاءَتان جوهريتان: الأولى أن يصل إلى حقّهما صاحبُ النص وصاحب اللحن، والأُخرى أن يكون ذكْر الاسم إنصافاً لصاحبه أو فضيحةً له. الإنصافُ أن يعرف الجمهور صاحبا النص واللحن حين النص واللحن من مستوى شعري ولَحني راقٍ، والفضيحةُ أن يعرف الجمهور صاحب الكلمات وصاحب اللحن، حين هما من تُجّار الحكي التافه باسم الشعر، ومن تُجار الطرطقات الطناجرية باسم اللحن، أو من سارقي الالحان التركية واليونانية باسْم التلحين.
بعدها لا يعودُ العملُ الغنائيُّ يُنسَبُ إلى صاحب الصوت أو صاحبته بالقول خطأً “كما تقول المغنّية فلانة” أو “هذا يشبه لحن المغنية أو المغني الفلاني”، بل يذهب نسبُ الكلام أو اللحن إلى صاحبَيهما مباشرةً، إعجاباً بروعته أو لعنةً على تفاهته.
ذلك أن النص والغناء هُما ركيزتا العمل الغنائي، لا الصوت. فكم من صوتٍ عاديٍّ رفعه لَحن موفَّق أو نصٌّ جميل، وكم من صوتٍ رائعٍ سقط بسبب كلام تافه يغنيه أو لَحنٍ رخيص يؤديه.
بلى: معه حق جورج جرداق، ولتبدأْ إذاعاتُنا بذكْر اسْم صاحبَي النص واللحن. فالصوت عضلةٌ جسديةٌ تنتهي ولو بعد حين. أما النص فيبقى، وأما اللحن فيبقى، والفن العالي يستمر بِما يبقى، لا بِما يشيخُ مع العمر، ويتوقَّفُ تَحت وطأة السنين.