هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

148: يتاجرون بجبران؟؟؟ فهمنا. فلماذا يشوهونه؟

الحلقة 148: يتاجرون بِجبران؟؟؟ فهمنا. فلماذا يشوّهونه؟
(الأربعاء 8 أيلول 2004)

قبل أسابيع، وجدتُ في مكتبةِ صديقةٍ “المجموعة الكاملة لِمؤلفات الياس أبو شبكة”. حفزني فضولي، وأنا المُهتم بأبو شبكة منذ مطالعي، فتناولتُ المجلداتِ الخمسةَ أتصفَّحُها مرتقباً أن أرى مؤلفات الشاعر تضاهي بأناقتها غلافَ المجموعات الأنيق، فصعقني ألاَّ أرى إلاّ مقتطفاتٍ صحافيةً مُلَمْلَمَةً من هنا وهناك، متراكمةً في هذه المُجَلَّدات الخمسة، لا مَجموعةَ مؤلفات الشاعر كما يدُل عنوانُها. وهذا غشٌّ واضح ووقحٌ من الناشر التاجر الرخيص.
وقبل أيامٍ وجدتُ في مكتبةِ صديقٍ جُزءين أنيقَي التجليد لِمجموعتَي جبران العربية والمُعَرَّبَة. تناولْتُهُما لا لأقرأَ بل لفضولِ أن أرى أناقة الشكل الذي أصدر به الناشر جبران، فصعقني أن أجدَ بين يديَّ طبعةً مصوَّرةً عن طبعةٍ قديمةٍ مصوَّرةٍ بدورها عن طبعةٍ أعرفُها وتعود إلى مطلع الخمسينات.
والحاصل: أسطر مَمحُوَّة لتلَف النسخة المصوَّرِ عنها، ورسومٌ لِجبرانَ وسخةٌ، مقطَّعةُ الخطوط، مشوَّهةُ المَعالِم لتعدُّد التصوير الطباعي صورةً عن صورةٍ عن صورة، والإبقاءُ على مقدمة ميخائيل نعيمة من الطبعة الأساسية، أنّما الجديد فيها حذف اسم ميخائيل نعيمة وترْكُ عبارة “بسكنتا – لبنان في 10 أيلول 1949”.
حين قررت “مطبعة العَرب” أن تَجمع عدداً من مقالات جبران العربية عام 1923، بإذنٍ منه طبعاً، أصدرتْها بعنوان “البدائع والطرائف” في أبْهى حُلّةٍ تليق بِجبران الذي حفِظَها بين أوراق صومعته في نيويورك.
ولم يكن جبران يدري أنه، حين سيُصبح أدبُه حقاً عاماً – بِمرور خمسين عاماً على وفاته -، سيتناهَشُه ناشرون تُجّار بلا أخلاق ولا ضمير، يُصوّرون طبعات كتُبه ويُصْدِرونَها بشكل مُخزٍ مُزْرٍ مقْرِف، لا يليقُ بِجبران ولا بِمن يقتنونَها في مكتباتهم، ولا بِمن سيدرسونها في قاعات الصف عن أديب لبنانيٍّ يُصدر العالَم ترجماتٍ أنيقةً لِمؤلّفاته، تليق بعالَميّته، وبأخلاق الناشرين في لغات العالَم الحضاري.