هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

138: التداول في القرار بين الخِـيار والخَـيار

الْحلقة 138: التداول في القرار بين الْخِيار والْخَيار
(الأربعاء 25 آب 2004)

عطفاً على الْحلقتين السابقتين من “نقطة على الْحرف” نهار الْجمعة الْماضي وأمس الاثنين، حول الاستهانةِ باللغة وارتكاب أخطائها ثم استسهالِ ذلك بِمعليشيةٍ رعناءَ غيرِ مسؤولة، سواءٌ في التسجيلات الْهاتفية أو في وسائلنا الإعلامية، إذاعيِّها والتلفزيوني، حصل السبت الْماضي ما يؤكد على ضرورة التعاطي مع اللغة في الإعلام بِمسؤولية مهنية عالية.
فالأحد الْماضي، كانت زميلتُنا “وردة الوردات” ماضيةً في “الْمجالس بالأمانات” وتُكرِّر كلمة “الْخِيار” لا “الْخَيار”، فتَحمّستُ للاتصال بها، من غيرتي على مصداقيّة اثنتين: وردة التي أحترم احترافيَّتَها، و”صوت لبنان” التي هي هي الإذاعة.
ولَما كنتُ متصومعاً داخل خلوتي الْجبلية في رأْس الْمتن، هاتفتُ أربعةً من أصدقائي، لن أُسمّيهم كي لا أُحرجَهم، فأكّدوا لي واثقِين بِحسمٍ وحزمٍ أنّ الصحيحَ “خَيار” لا “خِيار”. عندها اتصلتُ بـ”وردة الوردات” ففاجأتني بأنها تلقّت قبليَ اتصالاً من الزميل الكبير عمر الزين، أكَّد لها فيه أنّ الصحيح “خِيار” لا “خَيار”. ولم تلبثْ، لشفافيّتها النقية إعلامياً، أن صدرت بها على الهواء، قائلةً إنها تنتظر الصحيح بين “خَياري” و”خِيار عمر الزين”.
عندها، ولثقتي بلغوية عمر الزين، وهو من هو في تدريبِ أكثرَ من رعيلٍ إذاعيٍّ في “صوت لبنان”، لغةً وتشكيلاً ولفظاً وأداءً ومَخارج حروف، ظللتُ أتّصل بأصدقاءَ حتى وجدتُ بينهم مَن فتح الْمنجد أمامه وأكّد لي أنّ الصحيح “خِيار” لا “خيار”، فاتّصلتُ بوردة ورداتنا وأكّدتُ لها صحةَ رأْيِ عمر الزين واعتذاري لها وله، على هذا الْخطإ الشائع الذي وقعتُ فيه أنا وأصدقاءُ استشرتهم فاتّكلوا على الشائع من دون أن يعودوا الى القاموس.
الشاهد من هذه القصة، ليس الْجدل بين “خِيار” و”خَيار”، ولا صرفَ الوقت على حركةٍ بين فتحة وضمّة، بل هو شاهدٌ مزدوج:
الأول: احترافٌ مهنيٌّ عالٍ لدى وردة وشفافية تعاملها مع الْحقيقة.
الآخَر: حرصُ الإذاعة على احترام لغةٍ نتعامل بها ومعها، وعلينا أن نلفظها صحيحةً ولا نستهينَ ولا نستسهلَ بِحُجَّة الْمَونة والْمعليشية.
فيا حبّذا لو إعلامنا الْمرئي والْمسموع يقتدي بهذه الظاهرة من “صوت لبنان”، ويا حبذا لو الزملاء والزميلات أمام الكاميرا أو وراء الميكروفون، يقتدون بهذا السلوك الاحترافي الْجِدّي الْمسؤول تنتهجه زميلتُنا “وردة الوردات”.