هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

106: يتخرّجون… يتخرّجون… ثم ماذا؟

الحلقة 106: يتخرجون… يتخرجون… ثم ماذا؟
(الاثنين 12 تَمُّوز 2004)

قلبي معهم، هؤلاء الأحباب في عُرسِهِم الجامعي، وقلبي عليهم.
قلبي معهم فرحاً وغبطة، وقلبي عليهم تفطُّراً وأسى.
قلبي معهم تطير بسماتهم وضحكاتهم مع قبعاتهم والأوراق الْمُلوَّنة، فرحاً بحصادهم بعد زرع سنوات الدراسة والتحصيل والسهر الْمضني في الأبْحاث والتنقيب، وقلبي عليهم يقلقون، في سرّهم أو في العلَن، على السؤال الذي يؤرّقهم لا مؤخراً بل منذ أوّل الطريق الْجامعي: ثم ماذا؟
دراسةً، درسوا، تعباً، تعبوا، إخلاصاً، أخلصوا، مطلوباً، نفّذوا، ثم ماذا؟
أُدْعى سنوياً، في مثل هذه الفترة، الى احتفالات تَخَرُّج في الْجامعات. ولو أحصيتُ الْمتخرّجين في الْجامعات التي حضرتُ احتفالاتِها حتى اليوم، والتي مدعوٌّ إليها وسأُلبّي، لَتَجَمَّعَ رقمٌ لن أُذيعَهُ كي لا أَخافَ ولا أُخيف، فيكبَر السؤال على شفتَيَّ أكثرَ بعد: ثم ماذا؟
عَرَفوا من أين بدأوا، ويعرفون كيف وصلوا الى التخَرُّج، لكنهم لا يعرفون الى أين. لا يَملكون جواباً عن سؤالهم وسؤالنا جميعاً: إلى أين؟
لا يعرفون؟ بسيطة. لا نعرف نحن؟ بسيطة. ولكنّ أوجع الأوجع: هل الدولة، هل هذه الدولة، تعرف؟ هل في الدولة مسْحٌ لفرص العمل الْمتاحة وتلك غير الْمتاحة؟ هل في الدولة إحصاءاتٌ لسوق العمل وأين الْمرافق الْمتاحة وأين الْمرافق الْمتخَمَة وأين الْمرافق التي تحتاجها الدولة أكثر من سواها وسوف تتلقف متخرجين في اختصاصاتٍ، ولا تستطيع أن تستوعب اختصاصاتٍ أخرى؟
ثم ماذا؟ لا الْمتخرّجون يعرفون، ولا نحن نعرف، ولا الدولة تعرف، فـ…إلى أين؟
ثم ماذا؟ أيتها الدولة الـ”مرتا”، الْمهتمّةُ بأمور كثيرةٍ معظمُها آنِيٌّ وشخصيٌّ ومنفعاتي, والْمطلوب واحدٌ، الْمطلوب جوابٌ عن سؤال واحد: ثم ماذا؟