هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

93: عندما تصرخ بنت التجربة: هذه قناعتي

الحلقة 93: عندما تصرخ بنت التجربة: هذه قناعتي
(الأربعاء 23 حزيران 2004)

أفتح الكتاب، أقرأ: “وُجِدَ العمل لِقتل الوقت ووُجِد الوقت لِقَتْلِك”،
وأقرأُ بَعْد: “متى كانت الحقيقةُ داءً لا دواءَ لها سوى الخيال”،
وأقرأُ بَعْد: “الحبُّ القويّ أن تعشَق في الآخَر كُلَّ ما يُرى وما لا يُرى”،
وأقرأُ بَعْد: “تتعلّمون من أولادِكُم ما لا يتعلّمون منكم”،
وأقرأُ بَعْد: “العفويةُ أسرعُ وسيلةٍ للكشف عمّا في الفكر”،
وأقرأُ بَعْد: “فشَلُ الناجح يعزّي فشل الفاشل”،
وأقرأُ بَعْد: “يُقال للمريض: الوقتُ كفيلٌ بشفائِك، فلماذا لا يُقال للسويّ الوقت سيقودُكَ إلى المرض”،
وأقرأُ بَعْد… أقرأُ بَعْد… لا أرتوي…
ولو أنصفتُ لَجعلتُ هذه الْحلقة كلَّها أقرأُ من الكتاب، ولَما زِدت حرفاً واحداً على ما فيه من أقوالٍ ومقولاتٍ ومقالات. ولقد يُخيَّلُ إليكم، وأنتم تسمعون، أنني أقتطفُ هذه الأقوال من كتابٍ صدر حديثاً جامعاً مقولاتٍ شهيرةً مأثورةً من آداب العالم، مصهورةً بتجربةِ كاتبيها واختباراتهم الطويلة.
أمّا أن أكونَ قرأتُ في كتاب، فصحيح، وأمّا أن يكونَ مترجماً من آداب العالم، فلا. إنه كتابٌ لبنانيّ بقلَمٍ لبنانيّ فتيّ، تمتشقه صبيةٌ لبنانية صهرها العذاب، فلم تنصهر به انكساراً، بل انتصاراً على المأساة والوجع، فتفولذت قوّةً من أتون الشلل، وتَسَنْبَلَتْ كلماتٍ عميقةً صدرت في كتابِها الأول “حصاد الإيمان” وفي كتابها الثاني “إيّاك والعدم” وها هي ذي في كتابها الجديد “هذه قناعتي” تقطِّرُ من عذاباتِها ندى تَجربةٍ طالِعاً من وديان الألم إلى قمم الأمل وأعالي الرجاء.
إنها مي خليل. أوّل صوتٍِ يتناهى إليك عند الاتصال بالمؤسسة اللبنانية للإرسال (LBC).
وكتابُها “هذه قناعتي”، بمجموع مقولاتِه وأقواله القصيرة الشديدة الإيجاز والبلاغة وعمق التعبير، ليس كتاباً يُقرأُ ويُحال إلى رفِّ المكتبة، بل عِبَرٌ تبقى حدَّ المخدّة، أو على المكتب، أو في صدر المكتبة، يُعادُ إليه كما يُعاد الى فُتحة البئر في لحظة عطش.
هكذا تصرخ بنت التجربة: “هذه قناعتي”، وهكذا تُحَبّ مي خليل، تُحَبُّ كثيراً لصدق تجربتها وبلاغة تعبيرها عنها، حتّى يَصُحَّ أن يَختصرها شاعِرُنا الكبير موسى زغيب ببيتٍ من الشعر واحدٍ قالَه فيها فكأنه قالها:
“حِمْلِت وجع كِلّ البشر منشان عَ الأرض ما تقشَع حدا موجوع”