هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

50: بيروت جونيه: هل هذا أوتوستراد أم جلّ بطاطا؟

الحلقة 50: بيروت جونيه: هل هذا أوتوستراد أم جلّ بطاطا؟
(الجمعة 23 نيسان 2004)

حين قلتُ في الْحلقة الْخامسة من “نقطة على الْحرف” (تاريخ 20 شباط الْماضي) إن “طرقاتنا الشتوية أفْخاحٌ للمواطنين”، وعَنْوَنْتُ الْحلقة العاشرة (تاريخ 27 شباط الْماضي) “مهوار تلّة أنطلياس”، توالت عليّ وعلى “صوت لبنان” اتصالاتُ الْمواطنين تثني على الطرحين وتطالب بالْمواصلة بهذا الاتجاه النقدي. غير أنني لم أستجب بسرعة، كي لا يقال إننا نجعل الدولة مكسر عصا، أو نمارس “النق” على الدولة، أو أننا حين ننقطع من مواضيع نحكي عنها، نهاجم تقصير الدولة، كي نُعجب الْمواطنين.
طبعاً لا. ولكن الدولة، بدورها، لا تسحب منا هذه الورقة الانتقادية. ومن ذلك، أنني، بعد عودتي النهائية الى لبنان من منآي الْمؤقت في الولايات الْمتحدة عام 1994، أي منذ عشر سنوات، وأنا أجتاز الطريق بين بيتي في جونيه وأعمالي في بيروت، على أوتوستراد بتُّ أحفظ غيباً كلَّ حفرةٍ فيه وكلَّ التضاريس وكلَّ الْمهاوير والتفسُّخات وترقيعاتٍ باتت كتلاً منتصبة في الطريق بدل تسوية الطريق، وكلَّ أفخاج فتحات الْمجارير وقنوات البنية التحتية، وجميعها هي هي نفسُها منذ عشر سنوات، حتى بات السير على طريق جونيه بيروت، من الكازينو حتى مدخل المرفأ، كأننا في جل بطاطا لا على أوتوستراد هو الوحيد لدينا وليس طريقاًً فرعية نغض النظر عن أحافيرها لأن عندنا أوتوستراداً غيره سوى الزفت والتعبيد.
فكيف نواجه هذا الواقع ولا نشير إليه، ويومياً تمر آلاف السيارات على هذا الطريق الدولي، أكرر: الدولي، والسيارات تخبُط في هذه الحفر والتضاريس والتشققات والمسنَّنات التي تُتلف السيارات مهما كانت جديدة. ولو ان الأمر ينكبُ المواطنين فقط، لهان الأمر، فالمواطن عندنا مغلوبٌ على أمره، ولكنه أيضاً أوتوستراد يقطعه يومياً نواب كسروان وجبيل والبترون وطرابلس وكلِّ الشمال، والوزراء الذين يأتون من الشمال الى بيروت.
فما تبرير أن تبقى خارطة التشققات هي هي منذ عشر سنوات، وبعض هذه التشققات يرقى الى الْحرب اللعينة، أيام سقوط القذائف على هذا الأوتوستراد، ولا تزال ندوب تلك القذائف في وسط الطريق.
فهل يجوز أن يبقى أوتوستراد دولي على طريق دولي، عشرَ سنوات بدون تعبيد؟ ويريدوننا أن تنسكت عن عذاب يومي كهذا يواجهه المواطنون؟
لا. طبعاً لا. لن نسكت عن هذا العذاب، حتى نصبح يومياً نسير على طريق دولي محترم ، فلا نشعر أننا، كي نصل الى أعمالنا في بيروت، نسيّر سياراتنا في.. جلّ بطاطا.