هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

46: لبناني غائب بين جمهور الموسيقى الكلاسيكية

الحلقة 46: لبناني غائب بين جمهور الموسيقى الكلاسيكية
(الاثنين 19 نيسان 2004)

أمسية الأوركسترا السمفونية الوطنية اللبنانية مساء الْجمعة الْماضي في كنيسة الآباء اليسوعيين (الْمكان الذي اعتدنا نَحضرُ فيه أمسيات أوركسترانا الوطنية) كانت أمسية مُمَيَّزة شكلاً ومضموناً، وخطوةً الى الأعلى في مسار الكونسرفاتوار اللبناني الذي يُطوّره رئيسه الوليد غلمية، كل فترة، بِمرحلة متقنة تليها مرحلةٌ أكثرُ إتقاناً.
فالبرنامج لم يَعُد عزفَ روائع الْموسيقى الكلاسيكية وحسب، وظاهرةَ إقبال الناس على الأمسيات بِحشد يتجمّع قبل الْموعد بسويعةٍ لِحجز أماكنَ تغُص بالْمقبلين حتى يصبح الواقفون بعدد الْجالسين. لا. بل أكثر من ذلك: استحداثُ الوليد غلمية إدخالَهُ على كلِّ أمسيةٍ كلاسيكيةٍ عنصرَ الصوت البشري، فحضرنا غادة غانم في الأمسية السابقة، (26 آذار الْماضي)، وحضرنا في أمسية الْجمعة الْماضية السوبرانو ريم ديب (في مقطوعتين لِهاندل وموزار)، وكورال القسم الغربي في الكونسوفاتوار بإدارة الأب خليل رحمه الذي أجاد صقْلَ تسعةٍ وخمسين منشداً ومنشدةً بين سوبرانو وألتو وتينور وباسو، قدّموا مقتطفاتٍ من تشيروبيني وهايدن وباخ وموزار وإياد كنعان وروسيني وهندل. وعزفاً خالصاً، حضرنا افتتاحيةً لبرليوز، وكونشرتو موزار للأوركسترا والأُبوى الذي عزفه منفرداً بيتر موتشينا، وكونشرتو الإنكليزي جيرالد فِنزي للأوركسترا والكلارينيت التي عزفها منفرداً زْدِنِكْ دْرولِسكي (وكلا العازفين الْمنفردَين الْمبدعين، من أعضاء الأوركسترا السمفونية الوطنية اللبنانية، ومن أساتذة الكونسرفاتوار اللبناني).
إذاً كانت سهرةً مُميَّزةً جداً، غمرت فيها نشوة الْموسيقى نُخبةً مثقّفةً من جمهورِ لبنانيين رائعي الإنصات والتقدير، لا يزالون يتكاثرون أمسيةً بعد أمسية، منذ بدأ الوليد غلمية ينمّيهم منذ أربع سنوات، تاريخ تأسيس الأوركسترا السمفونية الوطنية اللبنانية، وبلغوا أمسيةَ الْجمعة الْماضية ذروة الْحشد والتجاوُب.
لكنّ غائباً لافتاً كان ينقصُ حضورُهُ في تلك الأمسية، أترك ذكره الآن، وأخصص له نقطةً على الْحرف تناسبه، غداً في مثل هذا الوقت.