هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

43: يوم يعتز الرئيس بتراث بلاده التشكيلي…

الحلقة 43: يوم يعتز الرئيس بتراث بلاده التشكيلي…
(الأربعاء 14 نيسان 2004)

يروي الأديب والوزير الفرنسي آلان بيرفيت، مؤرّخ ديغول وأحد أقرب الْمُقَرَّبين إليه (كالأديب الآخر والوزير الْمقرَّب الآخر أندريه مالرو)، أنَّ الرئيس الفرنسي كان يستقبل دوايت آيزنهاور (قائد قوات الْحلفاء في الْحرب العالَمية الثانية ورئيس الولايات الْمتحدة لولايتين بين 1953 و1961). دخل الرئيسان الى الصالون الذهبي في الإليزيه، ثم جلسا سويعةً في الصالون الفضّي فسأل الْجنرال ديغول ضيفه الأميركي إذا كان الناس تعرفوا إليه في جولاته، فأجاب آيزنهاور منشرحاً أنْ نعم، وأضاف: “حتى أن الْمسؤولين في اللوفر فتحوا لي أبواب الْمتحف، مع أنّ اليوم هو الثلثاء وهو يوم الإقفال الأسبوعي في الْمتحف”.
وهنا التفَتَت السيدة إيفون الى زوجها الْجنرال، وابتسَمَت في كِبَر، لِمعرفتِها أنّ موظفي اللوفر كانوا يعرفون بزيارة آيزنهاور، فالْجنرال كان أوعز الى الْمسؤولين بفتح أبواب اللوفر للضيف الأميركي الكبير، لأن ديغول كان يريد أن يُطلع الرئيس الأميركي السابق على واحةٍ فنيةٍ رائعة من الأمْجاد التي تباهي بها فرنسا، لأن فيها قسماً كبيراً من إبداع رسامي فرنسا العباقرة التشكيليين.
وكان ديغول، الأديبُ طبيعةً والرئيسُ اتفاقاً، يعتزُّ بأدب فرنسا وفن فرنسا ويُطلع دوماً ضيوفه على تراث فرنسا الأدبي والفني العالي، ولذا كان يُقرّب منه وزراء أدباء.
كلُّ هذه القصة عن آلان بيرفيت، لنسأَل: لو زارنا ضيفٌ رسميٌّ كبير، وشاء الْمسؤولون أن يُطلعوه، ليس فقط على عطايا الطبيعة والتاريخ في لبنان بين جعيتا والأرز وبعلبك، وليس فقط على ترميم وسط بيروت والـ”داون تاون” ومطاعم التبولة، بل لو سأل الضيف الكبير عن الإبداع اللبناني واحاتٍ أدبيةً ومتحفاً لِمبدعي لبنان التشكيليين، فإلى أين، إلى أين يا تُرى سيأخذ مسؤولونا الْمحترمون ضيفهم الْمثقَّف؟