هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

35: غوى وغدي صايغ: أنامل واعدة للمستقبل

الحلقة 35: غوى وغدي صايغ: أنامل واعدة للمستقبل
(الجمعة 2 نيسان 2004)

لم تقتصر تأسيسية الوليد غلمية، رئيس الكونسرفتوار اللبناني، على إنشاء الأوركسترا السمفونية الوطنية اللبنانية والأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق عربية، وعلى استقطاب جمهورٍ لبناني يتكثّف باستمرار الى حضور أمسيات الموسيقى الكلاسيكية والشرقية والحجرة، وعلى تشجيع أساتذة الكونسرفاتور بعزف مقطوعاتهم مما يحفّزهم على التأْليف، بل امتدت تأسيسيته الى تشجيع مواهبنا الطرية في العزف، على الظهور، منذ سنهم المبكرة، أمام جمهورٍ عريض، ما يعطيهم دفعاً وتنشيطاً وتحفيزاً على التمرُّس بالاحترافية الجدّية، وما يرشّحهم للإبداع والخروج من سماء لبنان الى فضاء العالم انطلاقاً من لبنان، كوليد عقل ووليد حوراني وعبدالرحمن الباشا وسواهم.
من هذه المواهب الطرية الوثقى، غوى وغدي صايغ، أَسَرا أنفاسنا ساعةً من الإعجاب حتى الدمع الحافي، بأمسية الكونسرفاتوار اللبناني في مسرح بيار أبو خاطر للجامعة اليسوعية.
فـغوى، بنت الرابعة عشْرة، عزفت لبراهمز وليسْت وشوبان وبيتهوفن، في مهارة أدائية لافتة وانغماسٍ كلّي ذابت به على ملامس البيانو في انخطافيةِ ما نشهده لدى كبار العازفين.
وغدي، ابن العاشرة، عزف لباخ وليْسْت وشوبرت وشومان وشوبان، في أداء أمين لم يَشُبْهُ تعثُّرٌ قد يكون معذوراً في سنّه، لكنه فوّت علينا فرصةَ عذره.
والختام بـ”رقصات هنغارية” لبراهمز، أدتها غوى وشقيقُها غدي بأناملهما العشر، فضاعت الأربع الأيدي في ملامس البيانو، وخرجت منها أنغام طوّفت فوق البيانو وتسللت الى قلوب جمهورٍ كثيف في القاعة، هبَّ مصفّقاً في النهاية، مشدوهاً لموهبتين لبنانيتين وثقَيين، في انحناءتهما لشكر الجمهور خفرُ التواضع وثقة الموهبة التي تتفجّر من دون انتباه صاحبها.
وكان لافتاً من وليد غلمية ألاّ يهنّئَ غوى وغدي صايغ وحسب، بل أن يهنّئ ويشكر والديهما على الرعاية والدأب والتشجيع.
وهذا مُحِقٌّ جداً. فالأنامل الواعدة لدى غوى وغدي صايغ، تدينان لوالدةٍ ثقيفة ووالد حادب، نموذجَين لكل والدَين يهيِّئان أولادهم ليكونوا، مثل غوى وغدي صايغ، مواهبَ واعدةً جديدةً للبنان المستقبل.