هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

26: خمسة فصول لبيروت في حديقة الغبيري

الحلقة 26: خمسة فصول لبيروت في حديقة الغبيري
(الاثنين 22 آذار 2004)

أولُ الربيع هذا العام، أمس الأحد، لَم يكُن في بيروت عيدَ الأم وحسْب، ولَم يكُن أول فصل الزهور وحسْب، بل كان فصلاً خامساً لبيروت في فصول السنة.
فحتى مساء اليوم، الاثنين، معرِضٌ استثنائيٌّ لافتٌ في حديقة الغبيري، بعنوان “بيروت في خمسة فُصول” نسَّقَه جورج الزعنّي الاختصاصيُّ في الغوص على تراثنا اللبناني وعرْضه في ذوقٍ وأناقة.
فَطَوال أسبوعٍ كامل شاهد زوّارُ الْمعرض ذاكرة فوتوغرافيةً لبيروتنا الْحبيبة في صُوَرٍ من مَجموعة جورج الزعنّي اختار لَها على مساحةِ اللوحة، أعداداً قديمةً أصليةً من جريدة “لو ريفاي” عام 1928، وعرض عليها الزعني صُوراً بالأسْود والأبيض وبالألوان، لبيروت الْخمسينات والستينات حتى منتصف السبعينات، أيام كانت بيروت زوغة الشرق ولؤلؤة الْمشرق، والْمدينةَ الْحلْمَ التي كان يتهافت على الْمجيء إليها، عرباً وأجانب، شعراءُ وأدباءُ كي يتكرّسوا فيها، وفنانون مسرحيون وموسيقيون ورسامون ونَحاتون ليعرضوا فيها ويزدهوا في سيرتهم الذاتية بأنهم عرضوا في بيروت.
كما عرض جورج الزعني صُوراً موجعةً من بيروت الذبيحة التي هجم عليها غيلان القراصنة فشوّهوا وجهها لا قلبها، وأحرقوا فستانها لا جسدها.
معرض جورج الزعني يسجِّل ذاكرة ذهبيةً لبيروت، على جيلنا الْجديد أن يعرفَها فيدرك أن بيروت ليست الـ”داون تاون” وحسب ولا مقاهي الأرصفة والأراكيل، بل هي الْمدينة العاصية على كل قتلٍ وكل اغتيال لأنها مدينة طالعةٌ من جذور التاريخ، والنار تُحرق الأغصان ولا تُحرق الْجذور.
تَحية لبلدية الغبيري على استضافتها هذا الْمعرض في حديقتها العامة التي أصبحت حديقة الذاكرة الذهبية لبيروت.
وتَحية لِجورج الزعني على هذا الْمعرض الرائع، مع تَمنّينا عليه أن ينقله الى كل لبنان، حتى يتعرّف أبناؤنا الى بيروت كما لَم يشاهدوها ولن يشاهدوها، إنما فليتركوا في ذاكرتهم ان بيروت عاصمتهم، وستبقى عاصمتهم الغالية مادام في لبنان، كـجورج الزعني، مؤمنون برسالة لبنان الْحضارية.