هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

616: الجبلُ المَلَكيّ… جبلُ التجلّي !

الجبلُ المَلَكيّ… جبلُ التجلي !
السبت 26 أيلول 2009
– 616 –
عند سفحكَ الوسيع أقف، أيها الجبلُ الْمَلَكيّ.
خاشعاً أَقف، متهيِّباً أمامك، وأنتَ جبل التجلّي.
كان ذلك في الموسم الأول، في خريف أيلول، حين أعلنتَ “الصيف الهنديّ” وحوَّلتَه الى ربيع يترقّى الى دائم.
أهو هذا دائماً دأْبُكَ: تَندَهُ العاشقين الى سفحكَ، يرْنُون الى قمّتكَ، ويبتدئون بالارتقاء والترقّي؟
أهكذا أنتَ في العمر: منذ أول العمر، ترافقه صحارى وبساتينَ، جهاتٍ ضائعةً مَمحوّة وجهات واضحة مَجلُوَّة، يأساً وأمَلاً، إحباطاً ورجاءً، حتى يمرّ الجسر الهارب من العمر على غفلة من الزمن، الى أن تسمحَ أنت، تُتيحَ أنت، تأذنَ أنت، أن ينتهي الجسرُ، انتظارُهُ ومرارتُه، ليصبحَ الوصول متاحاً الى قمّتك؟
***
أيها الجبلُ الْمَلَكيّ، يا جبلَ التجلي،
في الموسم الأول حَضنْتَني حين حَلا، وحضَنتَها في الموسم الحالي فحلا أَكثر، وغداً في الموسم الذي سيحلو، تَحضُنُنا معاً بِهيبتِك السامية، بِحنانكَ العالي، أيها الجبل العالي، يا مرنى كلّ عاشق.
في قلب كلّ عاشق ينبض پروميثيوس، سارقُ النار، حاملُ الشعلة من أولمپ الحب، يسلُّها للتوّاقين الى الحب، وكلّما سلّمها عاد يمتطي عربة الشمس من جديد وينشُبُ مرةً أخرى الى شعلة جديدة، لا الشعلةُ الأُمُّ تنقُص، ولا تتناقص المرات.
لذا، على طريقك الصاعدة، يتكاثر العاشقون، في أيديهم وفي قلوبهم شعلةُ الحب، الحارقةُ من قسوة، الدافئةُ من حنان، يَحملونَها في مواكب متتالية الى قمّتكَ الْمَلَكيّة العالية، أيها الجبلُ الْمَلَكيّ.
***
هكذا العاشقون دوماً، جميعُ العاشقين، يقفون عند سفحكَ المصلَّى، يرنون الى قمّتكَ الْمَلَكيّة، ويروحون يصعّدون في طريقك الصعبة، الممتلئةِ شوكاً وغاردينيا، عيونُهم الى قمّتكَ الْمَلَكيّة، وهُم يُصَعِّدون.
يَحدُثُ أن يتعثَّروا في طريقهم الى قمّتك. يكادون أحياناً يتباعدون، ينفصلون. يوشكون أن يعلنوا النهاية، نهايةَ ما بينهم. يَبلُغون شفير الانفصال. يُطلقون الكلمة الأخيرة، كلمةَ الوداع الأخيرة. وإذا بِرُنُوٍّ لَمّاحٍ الى قمّتكَ الْمَلَكيّة يُعيدُهم الى التعلُّق من جديد، الى الانشداد من جديد، ويُكْملون معاً، بسعادةٍ، الى فوق، عيونُهم ناهدةٌ الى فوق، الى قمّتكَ الْمَلَكيّة، ويُكملون تصعيدَهم إليها بِحنانٍ كثير، راجين بُلوغَ قمّتك السعيدة، يا سيّد الحنان، يا جبل الحب والتجلّي، أيها الجبل الْمَلَكيّ.
***
على قمّتكَ يتجلّى السيّدُ الحب، يتراءى للمريدين الأوفياء، الأنقياءِ النفس والقلب، المستحقّين نشوة الروح، فتفوح منه هالةٌ شعشعانية، ومن ردائه الْمَلَكيّ يأرج لون الفرح الواعد بالحياة السعيدة على الأرض، رجاءً يؤْمن بانتظار المجيء.
قمّتُك !!! ما أطيب النعمة عند بلوغ قمّتك، لأنّ الطريق إليها هي الطريقُ الى الجنّة، الى قمّة الإشراق على رسالة الحب التي منك، يا أنتَ يا جبل التجلّي بعد التخلّي عن آنياتٍ موقَّتاتٍ غارت زَبَداً في رمال الماضي كي لا يبقى للحاضر سوى اليواقيت التي تَجعل الحاضر الحالي حالياً في كل غد.
فاجعلْنا نستاهل موسمكَ الأول، وموسمكَ الحالي، وموسمكَ الذي سيحلو، يا جبل التجلّي، أيها الجبل الْمَلَكيّ.