هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

605: السعادة… أن نذوقها كلَّ يوم

السعادة… أن نذوقها كلَّ يوم
السبت 11 تموز 2009
– 605 –
نشرت مَجلة “أتلانتِك ماغازين”، في عددها الأخير لشهر حزيران، استطلاعَ رأْي عمرُه 72 عاماً، يُعتَبَر الأقدم في العالم، يعود إلى سنة 1937 أجاب فيه 268 طالباً من السنة الأُولى في جامعة هارڤرد عن سؤال استطلاع حول رأيهم في “الحب والعمل وكيفية التأقلُم من أجل حياة سعيدة”. كثيرون من أولئك الطلاب عامئذٍ غادروا اليوم هذه الدنيا أو هم في منافي الشيخوخة، لكنّ السوسيولوجيين يرَون في نتائج ذاك الاستطلاع عامئذٍ أجوبةً عن السعادة لا تزال صالحةً سائدةً حتى اليوم، مع أنّ آلاف المقالات والاستطلاعات والمقابلات صدرت من يومها حتى اليوم حول موضوع الحب والسعادة ومقاربة الحياة.
تلك النتائج، أعادها المحلِّلون إلى ثلاث مقاربات:
الأولى: “حافظ على رَفاه مزاجك”. فمعظم الطلاّب المشاركين في ذاك الاستطلاع أصبحوا لاحقاً ميسورين وأغنياءَ ورجال أعمال ناجحين وذوي مهنٍ أو وظائف عليا وأُسَرٍ هانئة، لكنهم انتهوا في مصحّات عقلية أو في بيوت عُجَّز، لأنهم واجهوا بِمزاجٍ مشدودٍ همومَهم وتعب أعصابهم والقلق والأحداث، ما لم يظهر عليهم في تلك السن الشبابية إنما أخذ يظهر تباعاً حين اقتربوا من عقدهم السادس أو السابع. وعلى العكس، مَن بلغوا شيخوخةً هانئة وصحية هم أولئك الذين في سنِّهم الشبابية كانوا ذوي مزاجٍ رَضيّ، غيريين لا أنانيين، مرحين، زاولوا الرياضة فنأَوا بذلك عن التشنُّج وإرهاق الأعصاب والجسد. من هنا ينصح السيكولوجيون بالحفاظ على طبع هانئ، ومساعدة الآخرين، والتحلّي بالإيجابيات دوماً، والإبقاء على جوّ الضحك والمرح في الجوّ المحيط. ومن هنا قول أحد الحكماء: “الشخص الذي بدون حس المرح، يشبه عربة خفيفة فارغة ترتج عند أقل حصاة على الطريق”.
المقاربة الثانية:”لا تُرهق حياتك بالجِد” بل عالِجْها دون التقيُّد بفروض ذاتية قاسية وقارِب المسائل الملحَّة بدَعةٍ وهدوء.
المقاربة الثالثة: “شارك سعادتك مع الآخرين”، لأنك هكذا تكسر سُور الوحدة والانعزال، فالسعادة الحقيقة أن نُشرِك بها الآخرين أو نَتَشارك بِها معهم. وفي ذاك الاستطلاع: مَن أمضوا حياتهم وحيدين عانوا كثيراً في شيخوختهم، بينما أَسعدُ المستطلَعين كانوا يُشركون بالسعادة أصدقاءهم وعائلاتهم. فلا يَمَلَّنَّ الرجل من قولة “أُحبّكِ” أو “اشتقتُ إليكِ”، وكذلك المرأة الفوّارة السعادة في قولتِها للرّجل الذي تُحب.
ويختم ديفيد رومانيلي، أحد مُحللي الاستطلاع، بِخُلاصةِ أنّ السعادة في الحياة ليست في كثرة الأسفار والرحلات، وليست في لبْس الجواهر والحلى الثمينة وارتياد نوادي الصيد والغولف والتسلية، بل السعادة أن تحيا حياتك، فترةً فترة، بنمط حياة مريحٍ يَجعلك تتمتّع بكل فترة من مراحل الحياة.
يبقى، من هذا الاستطلاع القديم الجديد، أنّ على الإنسان قطْفَ السعادة في داخله أولاً، ثم مع السوى ، فالسعادة تنبع من الذات ثم تفيض على الغير حين يقيم علاقات سليمة صحية مع الآخرين فيساعدهم ويزاول هواية يحبها ويواجه الأيام بإيجاب وتفاؤل وفرح واقتبال الخير من كل حدث أو حالة، وتذوّق الجمال في كل نظرة وكل نظر وكل منظور.
السعادة، أن نذوقها كلّ يوم. أن نعرف أين وكيف، كلّ يوم.
هكذا علمتْني السعادةَ يمامةٌ جَميلةٌ تأخذ كلَّ حالةٍ باقتبال وإيْجابية، وتعرف كيف تقطف الجمال من حولها بفرح.
علّمَتْني أنّ السعادة بي وَ… حَوْلي، وتدعوني دائماً إلى أن أَعْرِفها كلّ يوم وأتمتّعَ بها(Enjoy Life) فتكون الأيام معها حياةً ولا أجمل في مشوار هذا العمر.