هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

558: أقبضوا على هذه الشاعرة الكويتية

أقبضوا على هذه الشاعرة الكويتية
السبت 2 آب 2008
– 558 –
عاشت بيروت سنواتٍ على قصيدة نزار قباني “بيروت ست الدنيا”، وازدهت بِها منذ صارت أغنيةً تصدح بِها ماجدة الرومي من لَحن جمال سلامة.
غير أنّ قصيدة جديدة وصلتْني هذا الأُسبوع من الصديق خالد القطمة أرسلتْها إِلَيّ الدكتورة الشاعرة سعاد الصباح، فتحَتْ لي أُفقاً جديداً خلتُه سيكون قصيدةً أخرى لبيروت، فإذا هو أكثر بكثير: اعترافٌ بِحُبّ بيروت، شغفٌ نبيل ببيروت، وولهٌ شاعريٌّ مطرَّزٌ بالخوف على بيروت ألاّ تعود ملهمة الشعراء ومرنَى المبدعين.
بعد قراءتي القصيدة (قريباً “ڤيديو كليپ” تلفزيوني) والهزّة التي أحدثتْها بي، لِما فيها من حب عظيم لبيروت العظيمة، وجدتُ أنْ ليس من حقي الاحتفاظ بِها قارئاً إياها بِمتعة الشعر، بل من واجبي أن أُشْرك معي قراء الشعر العالي والحب العالي والوفاء العالي لبيروتنا الحبيبة الغالية، في هذه القصيدة التي يبسم الشعر من عنوانِها: “بيروت كانت وردة وأصبحت قضية”.
أَستأْذن الصديقة الكبيرة الدكتورة سعاد في إشراك قراء “أزرار” ببعض ما نضحَ من حبها الكبير في رائعتها الجديدة.
تقول شاعرة الكويت الأميرة: “بيروتُ يا قصيدةَ القصائدْ/يا وردةَ البحر ويا جزيرةَ الأحلامْ/ يا عمريَ الجميل مكتوباً على الرمالِ والأصدافِ والغَمامْ/ويا مكاتيبَ الهوى ينقلها الحَمامْ/يا شعريَ الطويلَ منثوراً على الروشة واليرزة والأشرعة البيضاءْ”، وتعترف: “آتي من الكويت مثل نَخلةٍ متعبة تريد أن تنامْ/آتي إلى البيت الذي من خبزه أطعمَني/آتي إلى الثّدي الذي أرضعَني /آتي إليكم ها هنا مشتاقةً كي أشكر الحرف الذي علَّمَني/وأشكر البحر الذي إلى حدود الشمس قد أطلقَني”، وتبوح: “آتي إلى بيروت كي ألقى صديقي الشِعرْ/آتي لكي ألقى صديقي البحْر/ فعندما تغيبُ بيروتُ فلا قصيدةٌ جميلةٌ نسمعُها أو قطعةٌ من نثرْ/وعندما تغيب بيروتُ عن العين يغيب العمْرْ”. وتتنَهَّد: “أبْحثُ في بيروت عن أشيائيَ الأولى التي تركتُها في غرفتي/ عن كتُب الشِعر التي تبكي على مكتبتي/أبْحثُ عن أمطار أيلولَ وعن مِظلَّتي/عن قصص الحب التي خبّأْتُها بالسرّ في حقيبتي/آتي إلى بيروت كي أبْحثَ عن حُبي وعن أحبّتي”، وتصرخ: “بيروتُ يا شفافةَ العينينِ،يا لؤلؤة بَحريَّه/يا مهرةً تصهل في ملاعب الحريَّه/يا وردةً قد تركَتْ أوراقها وعطرَها، وأصبحت قضيّه”.
هذه لُمَعٌ من القصيدة لا كلّ القصيدة. هذه شُهُبٌ من نُجوم الوفاء نَثَرَتْها شاعرة الكويت الغالية سعاد الصُّباح التي لا تتقن الشعر العالي وحسب، بل تتقن الوفاء العالي لكُويتِها، ولبنانِها، وللشعر نفسه حاضنةً مواهبه الأصيلة.
ولعلّ ما تَحتاجه بيروتُ اليوم (بعد موجات زلازل سياسية ضربَتْها ولا تزال تُهدّدها بقبضات بعض أهل البيت مرة، ومرات من كوابيسَ بعيدة): نفحةُ حُبٍّ تعيد إليها دفء إرثِها العظيم الذي لا يتجلّى مثلما حين ينضح من قصيدة خالدة.
أيها اللبنانيون: أقبضوا على هذه الشاعرة الكويتية الرائعة النبل والوفاء، أقبضوا عليها بقلوبكم، بِمحبتكم، بولائكم لبيروت وللبنان. أقبضوا عليها بعواطفكم النقية الصافية، بكل ما تعلّمتموه من وفاء لإخوانكم الذين وقفوا معكم ويقفُون، وفي الطليعة الكويتُ أصدقاءٌ فيها وشعراء وفنانون. أقبضوا عليها بتاريخها اللبناني الناصع في حروفها وكلماتِها وقصائدها الياسَمينية.
أقبضوا بِمحبتكم ووفائكم على سعاد الصباح ولا تتردَّدوا، فهي لن تطلب منكم شيئاً ولن تأخذ منكم شيئاً، هي التي تعطي من نبْضها الشِعري نبضةً أخرى لبيروت، وها هي تُهديها قصيدةَ حب رائعةً ستبقى تتردَّد في سماء بيروت ولبنان كلماتٍ ُتبسلم جراح بيروت من زلازل اللاوفاء.