هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

541: … وكما ستكونون، سيولّى عليكم؟

… وكما ستكونون، سيولّى عليكم!
السبت 5 نيسان 2008
– 541 –
“فالِج لا تعالِج”. “كما تكونون يولَّى عليكم”. “منستاهل”. “اليد التي لا نستطيع كسرها، نبوسها وندعو عليها بالكسر”. “كل من تزوّج أُمي صار عمّي”. “مش الحق على السياسيين، الحق على الشعب الذي أوصل هؤلاء السياسيين”.
وتطول اللائحة. تطول حتى القهر المازوشي، كَمَن يَجلُد جسده ويقول: “الحقّ عليّ أنا، لا على الجلاّد”.
لا. مش صحيح. لا يظلمنَّ أحد كلّ شعب لبنان. ما حصل في لبنان وما يَحصل ليس بسبب الشعب، وليس الشعب مسؤولاً عنه مع أنه هو الذي يتحمَّل ويتلقَّى المصائب والكوارث والويلات والموت وفقدان أعضاء من العائلة شهداء وضحايا.
إذا كان جمع من الناس في باص وتدهور الباص، ما هو ذنب الركّاب؟ إنه ذنب القائد، السائق الذي يقود هذا الباص. وإذا تدهورت المركبة بالركَّاب لا يكون الحق على الركاب بل على السائس. والسائس مهمته السياسة. والسياسة هي القيادة. سياسة (أو قيادة) العربة هي هي سياسة (أو قيادة) البلد. وهكذا لبنان: ما وصل إليه ليس بسبب شعبه (ولو ان بعض شعبه هو الذي أوصل هذا الطقم الحاكم – بِمُواليه ومُعارضيه) بل بسبب الذين وَثِقَ بِهم الشعب وأوصلهم إلى كراسي الحكم، فأوصلوا لبنان إلى ما هو عليه منذ نصف قرنٍ ويزيد، وحين كان الشعب ينتخبهم ليَبنوا له دولة، كانوا يُرضونه بِخدماتٍ أزلامية ومَحاسيبية لا ليبنوا الدولة بل ليحافظوا على قيادتهم العشيرةَ والقبيلةَ والقطيع، فوصل لبنان اليوم إلى أن يكون مزرعةَ قطعان تسير وراء ساستها ببغاوياً أغنامياً قطعانياً عميانياً حتى وصلْنا إلى شفير الانهيار من أقصى الاقتصاد إلى أقصى الهجرة.
لذا لا يلومنَّ أحد الشعب اللبناني عموماً. اللوم يقع على الذين، من الشعب اللبناني، أوصلوا إلى مركز القيادة سائقاً (أو سائساً يسوس) أوصل المركبة إلى الهاوية. ويقع اللوم على قطعان من الشعب عوراء لا ترى إلاّ من عين واحدة. وهذه القطعان ليست الشعب اللبناني كلّه، ولا هؤلاء الذين في القيادات اليوم (معارضوهم وموالوهم) يُمثلون كل الشعب، وخصوصاً اليوم بعدما أسقط الشعب الأقنعة عن كثيرين كان يؤمن بهم وسحب منهم اليوم ثقته وقناعته.
الذين لا يزالون عمياناً فليفتحوا أبصارهم وبصائرهم، والذين لا يزالون عُوراً فليفتحوا العين العوراء، والمتبصِّرون المنفتحو البصر المتفتِّحو البصيرة فليظلُّوا واعين، لأن دورهم آتٍ يوم المحاسبة، يوم الانتخاب، يوم الحساب في صندوقة الاقتراع.
الى هؤلاء نطلق الصرخة بيضاء: لا تفكّروا بكم بل بأولادكم لينعموا بسياسيين أفضل من الذين ورثناهم أو أوصلناهم فأوصلونا إلى حيث نحن اليوم في دهليز مظلم وسط مُحيط عربي كنّا منارته فصار اليوم قنديلنا إلى آخر النفق. وليبْقَ في بالكم المثل الصيني البليغ: “جيلنا يزرع الشجرة، حتى ينعم بالظلّ جيل أولادنا”. فَحاذِروا أن تعيدوا إلى الحُكْم هؤلاء الذين سبّبوا كل هذا الخراب النفسي والاقتصادي والاستثماري لكم وللبنان، ولأبنائكم الذين هاجروا، ولمستقبل لبنان الذي دمّره السياسيُّون بِمناكفاتهم وتشاتُماتهم واصطفافاتهم ومواقفهم الشخصية والشخصانية والكيدية والديماغوجية.
أما إذا أَعَدْتُموهم إلى الحكْم (موالين أو معارضين، لا فرق) فمبروك عليكم طقمٌ سياسيٌّ يولّى عليكم، سرعان ما سوف ينقسم إلى متشاتِمين ومتخاصمين ومتكايدين من جديد، وتكونون أنتم جَنَيتُم عليكم وعلى لبنانكم وعلى أبنائكم الذين ستخسرونَهم إلى الأبد في بلدان الله الواسعة، ولا تُحاولوا عندئذٍ إقناعهم بالعودة إلى لبنان الذي تكونون أنتم دمّرتُموه لهم سلفاً باختياركم له طقماً سياسياً، هو هو الذي دمَّر حاضركم وحاضرهم، وأوصله وأَوصلنا إلى كلّ هذا الخراب.