هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

511: لا شخص الرئيس بل شخصيته

لا شخص الرئيس بل شخصيته
السبت 25 آب 2007
– 511 –
أمام “هول” التهويل الذي يتزايد انقضاضه يومياً على رؤوس المواطنين من هذا السياسي أو ذاك فيجيبه ذاك أو هذا بقاموس أشدّ قسوة وشتماً واتهاماً حتى بات شغل السياسيين الشاغل أن يبحثوا في القواميس عن بقايا عبارات الشتم والبهدلة من العيار الثقيل، لا يعود أساسياً أن يكون رئيس الجمهورية المقبل من “بيت بـو 14 آذار” أو من “بيت بـو 8 آذار” أو من جماعة المعارضة أو من جماعة الموالاة، بعدما تساووا جميعهم أمام المواطن اللبناني العادي في التسابق الى الشخصانية.
الأساسي، بعد هذا الوضع الذي يثير الشفقة والقرف، والنقمة والغضب، لا يعود شخص الرئيس بل شخصيته.
فالمواطن اللبناني العادي (يعني الذي هو خارج قطيع الأزلام والمحاسيب العميانيين الببغاويين) بات يهمه أن يأتي الى حكم لبنان رئيس يعطي الثقة للناس، بل يفرضها على الناس لا من متراس مواقفه بل من شخصيته التي تأتي من الثقة العالية.
رئيس يحكم كرجل دولة يضع شخصه في خدمة الدولة، ولا يحكم كرجل سياسة يضع الدولة في خدمة شخصيته.
رئيس يكون وفياً لتحالفاته فيوظفها في خدمة شعب لبنان، ولا يكون مرتهناً لحلفائه فيضع لبنان في خدمتهم.
رئيس يكون نزيهاً متقشفاً ينشئُ مؤسسات عامة ومدنية وأهلية ويحيي المؤسسات الموجودة فيطوّرها ويرعى تناميها.
رئيس يعي أن ثروة لبنان الحقيقية تنمو بِتفعيل وتأهيل جناحين: الثقافة والسياحة، فيعمل على تفعيل مبدعين لبنانيين أعلام أثبتوا جديّتهم وتفوُّقهم ونتاجهم مَحلياً وعالَمياً في حقول الثقافة والعلوم والفنون ويطلقهم كي يكونوا سفراء حقيقيين للبنان الصورة في العالَم، ويعمل على تأهيل القطاع السياحي كي يعود فيستقطب العالَمَ الى صورة لبنان الآمن الأمين.
رئيس يفتح قصر بعبدا “فرساي” الورشات الإبداعية أو يُحيل هذه الورشات الى وزارة الثقافة فيرعاها معتبراً إياها “دينامو” الإبداع اللبناني، ويرفدها بِموازنة لائقة لا كي ينفتح بابها أوسع على شحّاذي المساعدات بل كي تتمكَّن من تنفيذ أنشطة محلية أو المشاركة في أنشطة عربية وعالمية يبرز فيها لبنان على حقيقته الإبداعية تعويضاً عن الصورة المخزية الوسخة البشعة التي وضعه فيها سياسيون “تَشَخْصَنُوا” حتى طلع بُخار جنون العظمة الى يأفوخهم فتوهَّموا أنهم يختزلون لبنان.
رئيس يأتي الى الحكم بأصحاب المواهب لا أزلام المذاهب، فيعمل على الجودة اللبنانية لا على كوتا الكثرة الطائفية، ويعمل على النوعية الخلاقة لا على كوتا العددية المفروضة أمراً واقعاً غالباً ما يوصل أمّياً جاهلاً يفرضه زعيم أو سياسي.
رئيس يحترم النظام الطائفي اللبناني إنما يأتي الى الحكومات المتعاقبة على عهده بوزراء هم نخبة النخبة في طوائفهم لا بوزراء أزلام لأصنام يكونون في هذه الوزارة أو تلك لأن زعيم طائفتهم فرضهم أو زعيم تيارهم أو فرضهم أمر واقع.
رئيس يفرض بِشخصيته احترامَه على السلطات السياسية والدينية والدنيوية فلا تعود الحقوق المواطنية لدى المرجعية الدينية أو المذهبية أو الطائفية أو السياسية بل تتوحَّد الحقوق والمرجعيات في وحدِها مؤسسات الدولة التي، حين توصل الحقوق الى المواطنين، لا يعود مواطن يتأخر عن تأدية واجباته تجاه الدولة التي تحمي له حقوقه وعندئذٍ تفرض عليه واجباته.
رئيس يسيطر على هذا الفساد القاتل في الدولة لتصبح الدولة حامية المواطن بحكم القانون ولا تعود مزرعة للمحاسيب والأزلام وأولياء قبائل وعشائر فارضين جماعاتهم بحكْم الطائفة أو المناطقية أو الحسابات الانتخابية المناطقية الانتهازية.
رئيس يطول تعداد الصفات المطلوبة منه، ويختصرها أن يكون رئيساً يتمثلُ بأحد كبيرَين: شارل ديغول أو فخر الدين.