هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

453: قبل السياحة: الطريق إلى السياحة

السبت 1 تموز 2006
-453-
منذ أسابيع ونحن نتابع وزير السياحة المهندس جوزف سركيس يصرّح في كل مناسبة وحدث ومقابلة بأن الوزارة تتوقَّع هذا الصيف موسماً سياحياً ناشطاً، وأعداداً من السياح قد تفوق أعداد السنوات الماضية. ونصغي إلى تصريحات الوزير المتفائل، بتفاؤل كثير وطوباوية عميقة وأمل كبير بأن تتحقق توقعاته وتوقعات دوائر الوزارة وحجوزات الفنادق وزوغة مهرجانات هذا الصيف (وما أكثرها وأغناها). ومع التفاؤل تبقى يدنا على قلبنا ونحن نقول في صمتنا الحافي: “… إلاّ إذا”، ونضمر (سراً مرة، وجهراً أُخرى) أنَّ هذه الـ”إلاّ إذا” مرتبطة بالوضع الأمني، داخلياً (لا سمح الله) وإسرائيلياً (بعد تجربتنا المريرة مع هذا العدو المتربص بنا لا في جنوبنا وحسب بل في عقلنا اللبناني، ولا في نصف القرن الأخير بل منذ أوّل التاريخ).
غير أن مشكلتنا في استقطاب السياح، ليست في هذه الـ”إلاّ إذا” (وهي قد لا تكون في يدنا) بل في الـ”ماذا إذا” وهي في يدنا كلياً. فإلى ماذا ندعو السياح ليقصدوا مرابعنا السياحية في “جنّات عَ مـدّ النظر”، إذا كانت الطرقات إلى تلك المرابع لم تعد طرقات بل صارت أفخاخاً وتشققاتٍ وحفرات وسواقي ومطبات وآباراً وترقيعات نافرة أو محفرة وأخاديد تلعن دين دواليب السيارات وتخلخل كل مفاصل السيارة، وجلالي بطاطا يرفض أن يمشي فيها جرار زراعي وأن تسلكها جرافة هدم الأبنية، ونسلكها يومياً ونذكر إهمال المسؤولين عنها فنلعنهم بكل قواميس الشتم والسباب، ولا حيلة لنا إلاّ أن نسلكها لأننا أبناء هذا الوطن المبتلي بهؤلاء المسؤولين، ونفكر: ما ذنب السياح الذين نناديهم بجميع وسائل الترغيب ليأتوا ويفاجأوا بهذا الترهيب الذي يواجهونه على طرقاتٍ في الساحل والجبل لا تسلم واحدة بينها من الدهاليز القاتلة؟
أين وزارة الأشغال من هذا الكارثة البشعة في بنيتنا التحتية؟ وزارة الأشغال العامة، شو بتشتغل؟ الوزير منصب سياسي مؤقت يأتيه الوزير لأنه من هذا الفريق أو ذاك، ليكون صوت هذا الفريق أو ذاك، ومش ضروري يكون ابن اختصاص الوزارة التي يتولاها؟ طيّب. فهمنا. ولكن أين المدير العام؟ شو بيشتغل طوال النهار؟ أين مدير الطرق؟ هل يأتي إلى مكتبه بالهيليكوبتر؟ أين كبار الموظفين والمدراء ورؤساء الدوائر والمصالح والأقسام؟ شو القصة؟ كيف وصل لبنان إلى حد هذا الحد من رداءة الطرقات التي باتت أدراجاً وطلعات ونزلات وخبطات، ومعظمها بلا خطوط بيضاء ولا إنارة ولا إشارات كهربائية ولا حماية ولا أقل ولا أدنى مواصفات الطرقات والصيانة والبنية التحتية؟
كيف نشرح لسياحنا أنهم يقطعون عشرات الكيلومترات بلا بوليس سير يضبط الطريق ورعونة سائقين بلا أخلاق، طائشين مخالفين وليس من يردعهم؟ أين وزارة الداخلية لا تفرض على شرطة السير أن ينظّموا محاضر ضبط “موجعة” بالمخالفين على الطرقات بالسرعة المجنونة أو المرور عكس السير أو العبور على الضوء الأحمر أو الوقوف في مكان ممنوع؟ أين البلديات لا تقوم بدورها في هذا الحقل الذي يعود إليها قسم منه توازياً مع وزارة الأشغال أو تنسيقاً معها؟ شو القصة؟ الزفت مفقود؟ الصيانة مفقودة؟ الموازنة مفقودة؟ الميزانيات غير مرصودة؟ حجز الميزانيات محجوز في وزارة المالية؟ شو القصة؟
ماذا نقول لسياحنا إذا سألونا عن هذه الغابة الفالتة من كل قانون ونظام وتنظيم وانتظام؟ هل هذا هو “لبنان يا قطعة سما” و”تحت السما ما فيه متل لبنان” و”حليانه الدني حليانه بلبنان الأخضر”؟
ماذا ينفع أن يعمل وزير السياحة على تفعيل الموسم السياحي، والطرقات إلى المرابع السياحية أفخاخ لتكسير السيارات؟
لبنان بلد سياحي؟ فلننظر إلى بلدان حولنا كانت صحراء فجعلها المسؤولون فيها جنات، ولنخجل كيف بلادنا الجنة جعلها المسؤولون عندنا “كسارات ع مد النظر”. يا عيب الشوم !