هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

442: “إليسا” نزور بيت أبيها

الأربعاء 8 آذار 2006
قرطاجة (تونس) -442-

هذه المرة: الاتجاهُ العكسي. هذه المرة تعود الى بيت أبيها تزوره بعد غياب ثلاثة آلاف سنة.
قبل سنتين (2004) انطلق من صور سباقُ مراكب شراعية بقيادة سيدات في اتجاه قرطاجة، مستعيدات الخط البحري نفسه الذي قطعته إليسا بنتُ صور بعدما هربَت من ظلم أخيها بيغماليون الذي اغتال زوجها سيشارباس، ماخرة أمواج المتوسط، راسيةً برجالها في مرفإ مدينةٍ أفريقية طلبت أن تمتلك فيها مساحة جلد ثور فسُميَت بعدها المدينة “بيرسا” (جلد الثور) ووسّعت ذاك الجلد الى المدينة التي ستسمى بعدها قرطاجة (المدينة الجديدة).
هذه المرة، في الصيف المقبل، الاتجاه العكسي: تنطلق المتسابقات من مرفإ قرطاجة ماخرات طوال أُسبوعين أمواج المتوسط الأزرق مروراً بصور، ورُسُوّاً على رصيف مارينا بيروت، في الدورة الثانية من سباق “طريق إليسا” الذي تعمّد المغامر الطموح نجيب قويعة (منظم السباق) أن يكون انطلاقه في يوم تونسي نبيل الرمز : 13 آب “يوم المرأة التونسية، حفيدة إليسا، والذكرى الخمسين لإقرار قانون حقوق الإنسان في تونس”.
وإذا كان طبيعياً اهتمامُنا نحن، كلبنانيين، بهذه المغامرة/الظاهرة، فاللافت الأكبر اهتمام التونسيين بها، معتبرينها جُزءاً عضوياً أساسياً من هوية فينيقية بها يفاخرون شاهرين اعتزازهم بنسب تاريخي يجمع قرطاجة الى صور، وتونس الى لبنان، على ضفتي هذا المتوسط الواحد.
وهو هذا ما شدّد عليه (خلال المؤتمر الصحافي الذي انعقد في قرطاجة لإعلان بدء التحضيرات لهذا السباق الشراعي) وزيرُ السياحة التونسي التيجاني الحداد بـ”إحياء أُسطورة وصول إليسا من صور وتأسيسها في قرطاجة مدينةً خالدةً ذاتَ شأن كبير على المتوسط” ووزيرُ السياحة اللبناني جو سركيس بـ”إحياء رمز الحرية إليسا الأميرة العنفوانية التي لم تطق الطغيان فهاجرت وأسست مدينة عظيمة خالدة. وإحياء هذه الذكرى اليوم يشكل فكرة تلاقٍ وحوار وتبادل سياحي راع على ضفتي المتوسط”. وهو ما وصفه “سعادة السفراء” شكري عبود (سفير لبنان في تونس و”سفير فينيقيا الأُم لدى فينيقيا الابنة الوفية”) بـ”إحياء حدث كم هو جدير بفينيقيا التاريخ، يستعيد مجداً لها عظيماً رسّخه على شط المتوسط (وشواطئ أخرى كثيرة في العالم) فينيقيون هم – كما سماهم أحد أكبر خبراء الشأن الفينيقي والقرطاجي في العالم البروفسور التونسي الدكتور محمد حسين فنطر “روّاد مباركون هم معلّمو الحضارة اليونانية وآباؤها الراسخون”.
التحضيرات الضخمة (التونسية واللبنانية والدولية) ابتدأت هذا الأُسبوع في تونس العاصمة وبيروت معاً، استعداداً للحظة الانطلاق (الأحد 13 آب) ولحظة الوصول (نحو 28 آب أو قبيله) وبينهما مواكبة لوجستية وتقنية وفضائية (من الأقمار الصناعية) طوال رحلة الأُسبوعين فوق أمواج المتوسط الأزرق الجميل من جنوبه الى شماله.
يبقى أننا نأمل (ويأمل المنظّمون كذلك) تحقيقَ فكرة رائدة، أن يتوّج الحدثَ حضوران عاليان: عملٌ فني شعري موسيقي مسرحي كوريغرافي يواكب هذا الحدث التاريخي الجغرافي عند انطلاقه (من قرطاجة) ولدى وصوله (الى بيروت)، وأن يكون على رأْس مستقبلي أشرعة المراكب عند ميناء مارينا بيروت شيخٌ تسعينيٌّ جليلٌ يَحمل في قامته الدهرية الأرزيّة أمْجاد فينيقيا، وما زال يزرعها في الأجيال ثالوثَ نبل وشرف ووفاء تُجسّده أميرةٌ من صور اسمها إليسا.
شيخٌ، هَيبتُه من هَيبة التاريخ، اسمه سعيد عقل.