هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

421: هذه الـ”فينيقية من اليابان”

السبت 20 آب 2005
-421-
مساء الجمعة المقبل (26 الجاري) على مسرح الملعب الروماني (صُور) سوف تقف شاعرة من اليابان تُلقي علينا من شعرها (باليابانية) فيما على الشاشات تتوارد الترجمتان الإنكليزية والعربية لهذا الشعر. وما كان لوقوفها هناك حجمُ الحدَث لو لم يكن شعرها ذا علاقة مباشرة بنا، بتراثنا، ببلادنا، وبما نعرفه عن فينيقيا ودنيا فينيقيا وأمجاد فينيقيا وعروسها صور.
بلى: يابانية من هناك، من بلادٍ هي اليوم رائدةُ العلْم والتكنولوجيا والتطوّر الاستبقاقي، تأتي إلينا فتحكي لنا عن هُنا، لا عاطفةً ولا محاباة، بل وفاءً لِما تراه واجباً عليها ردَّ جميلٍ من أجدادها لأرضنا وشعبنا وتراثنا ومعالمنا الحضارية.
مساء الجمعة المقبل تقف كيكو كوما Keiko Koma (في احتفالية شعرية موسيقية مرئية بدعوةٍ من مجلس صور البلدي، ومؤسسة NPO كوما اليابانية، واللجنة الوطنية لِحماية آثار صور والْجنوب، واللجنة اللبنانية لِمهرجانات صور والْجنوب) في أمسية موضوعةٍ تحت شعار “حوار الثقافات: طريق السّلام” تلقي قصائدها يرافقها العازف الياباني إيداكي شِنّ Idaki Shin على آلةٍ مصمَّمة خصيصاً له (مزيجٌ من سِنتيسايزر وبيانو) فيما تَمُرّ على الشاشة صوَرُ واحات أثرية قديمةٍ من لبنان فينيقيا.
تبدأ القصة، كما تقول كوما نفسها، من يوم حلمت أنْ كان لِجدودها اليابانيين من سُلالة كوغورْيُو Koguryo علاقةٌ بالفينيقيين منذ خمسة آلاف سنة. وجاءها في الْحُلْم أنّ “في استعادة هذه العلاقة حَلاًّ لِمسألة السلام في العالَم” وأنّ “حوار السّلام لا يكون في مُجَرّد وقف الْحروب والاقتتالات ولا في تَجنُّب الْمجاعة وتضييق نسبة البطالة، بل في وحدِه الإبداع”.
بهذه الشعائرية الطقوسية الشعرية العالية تأتي إلينا هذه الشاعرة اليابانية لتغني قصائدها شعبَ فينيقيا، وأرضَ فينيقيا، وأنفاسَ فينيقيا، وقلبَ فينيقيا، وتراثَ بلاد فينيقيا، وروحَ فينيقيا، وبَحرَ فينيقيا، وعالَمَ فينيقيا، ومَجدَ صورَ العظيمةِ زهرةِ فينيقيا، وتَشْهَر حبَّها لأرضنا الدهرية العريقة ومَجدها الخالد، بقصائدَ سوف تنحفر في ذاكرتنا إضاءةً جديدةً للبنان الحضارة تأتينا هذه الْمرة من اليابان. فمن قصيدةِ “تحت سماء فينيقيا”: “عبر أشعة شمس لطيفة يتهادى النسيم، فيعانق البحرُ السماءَ، ويتحوّل الفضاء زرقةً ساحرة وحُسْناً لا يوصف. في قلب هذه الرعشة السامية لامَسَت روحي وردةً زهرية هي أرجُ الأهالي من شعب فينيقيا. إليهم انضممتُ وبلغتُ جوهر الْمعرفة. أصبح لِحياتي معنى: ها أنا الآن أحيا”.
ومن قصيدةٍ أخرى: “يُذهلني هذا النور الشمسي الباهر على شط فينيقيا. لم أَرَ مثله في حياتي. الأشجار هنا صدى ألوانٍ رائعة. عبرتُ بينها وسط أطلال صُور، فلاحت لي خيالات سكانٍ من التاريخ السحيق. رأيتُهم يضحكون. التفَتُّ فإذا بينهم أبي. ناديتُه فأجابني. بلى: هذا هو أبي الياباني في صُور، قلبِ فينيقيا، متحرراً من قيود الْمكان والزمان. ألقاه هنا وأخاطبُه، فأسمع في صوته نسائم فينيقيا تتردد خلف هذا النور الشمسي الباهر، وُصولاً الى عالَم مفعَمٍ بالنور والْحب والْمعرفة”.
علامتُها، هذه الشاعرة الضيفة من اليابان، أنها ليست منّا، وتقول عنّا ما لو قلناه نحن عنّا لبدا للمضلَّلين مباهاة شوفينية.
علامتُها أنها آتية إلينا كي تنقل “الفرحَ لجميع الناس، وليغمر الْحبُّ العالَم بفضل فينيقيين وهبوا الولادة للّغة، ووحّدوا عقول الناس، واقتحموا غمار البحار صوب الْمجهول، منذورين للحب الذي من جذوره تنسغ كلماتُهم الى العالَم”. ها هي تُخبرنا في قصائدها أمْجاد فينيقيانا، وتشهَر إيمانها بأنَّ الإبداع وحده يُخلّص العالَم، وبه وحده يكون حوار الثقافات والْحضارات بين الشعوب.