هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

341: حين تتحوّل الجامعة منارة أدبية

السبت 24 كانون الثاني 2004
– 1 4 3 –
قليلون حتى الندرة الضئيلة مَن يعرفون عدد الطلاّب أو الْمتخرجين أو الأساتذة أو الْمناهج في جامعة نورث كارولاينا (تشابل هيل). لكن الكثيرين حتى عدم الإحصاء مَن يعرفون أنّ هذه الْجامعة تضمُّ في قسم مَحفوظاتِها مَجموعة الرسائل بين جبران وماري هاسكل، بعدما عَمدَت هذه الأخيرةُ الى إيداع الْجامعة تلك الْمجموعة.
وهكذا الأمر لعدد كبير من الْجامعات التي تعتَزُّ بإرثٍ لديها مؤتَمَنة عليه، الى اعتزازها بتقدماتِها الأكاديْمية.
الجامعة اللبنانية الأميركية تنبّهت الى هذا الأمر الْخُلُودي فأسَّست “مركز التراث اللبناني” فيها بيتاً للذاكرة اللبنانية، في لبنان وعالَم الانتشار اللبناني، في شتّى أَنواع التراث، مَكتوبِهِ ومَخطوطِهِ ووثائقِهِ بِجميعِ الأشكال.
جامعة سيّدة اللويزة، الفتيَّة كرونولوجيّاً بين رصيفاتِها العريقة، تنبّهت كذلك الى هذا الأمر، فأسست منذ انطلاقتها دائرة للعلاقات العامة، ناشطة بإدارة الشاعر سهيل مطر، أخذت تُنشِئُ أَنشطةً أكاديْميةً وثقافيةً ووطنيةً وسياسيةً واقتصاديةً وإنْمائيةً من كل نوع، جعلت الْجامعة متوهّجةَ الْحُضُور في ذاكرة الْحاضر اللبناني (ولاحقاً في مستقبله) على الْمستويين الأكاديْمي والوطني، ما جعلها مِحوراً أساسياً في منارات التعليم العالي عندنا.
وتوسّعت الدائرة الى ما هو أرفع على الْمستوى الفكري، فاستضافت شاعر لبنان سعيد عقل، أستاذاً زائراً ومُحاضراً دائِماً. وأكثر: أنشأت على اسْمه كرسياً جامعياً للأبْحاث في كل ما يعود للشعر وللبنان.
ولَم تكتفِ كلية الإنسانيات فيها بالْحصر الأكاديْمي في العلاقة التقليدية أُستاذ/طالب، بل توسّعت ¬- بالْهمّة الأدبية الرائية لأستاذ الأدب فيها الدكتور منصور عيد – الى منتدى أدبِي يضوّئ على مناراتنا الأدبية العالية.
بِهذا الْمنطلّق النبيل في رؤيا جامعة سيّدة اللويزة، أطلقت في أيار الْماضي (من فرعها في دير القمر) أنــشطة الْمئوية الأولى (1903-2003) لولادة الأديب الكبير كرم ملحم كرم، وأطلقت الأُسبوع الْماضي أنشطة اليوبيل الفضي (1979-2004) لغياب الشاعر الكبير بولس سلامة، وأطلقت قبل يومين (مساء الْخميس) سلسلة أنشطة بعنوان “رُوَّاد لبنانيُّون” بادئة بندوة حول الأديب يوسف يـونس (يونس الأب والــد شاعرنا الكبير يونس الابن)، وستواصــلها بأربــع لاحقة عن أنـــطُون قازان (2 آذار)، وأنيس فريْحة (23 آذار)، وصلاح لبكي (22 نيسان) والشيخ عبدالله العلايلي (18 أيار)، وكتاب خالِد لأمين الريْحاني (1 حزيران).
وكانت الْجامعة قبلذاك استضافت ندوات أدبية كثيرة، أخيرتُها عن جوزف نُجيم وأنطون غطّاس كرم (هيَّأَتْهُمَا “جمعية أهل الفكر” التي يرأَسُها أيضاً وأيضاً الناشط الأدبي والأستاذ في الْجامعة الدكتور منصور عيد).
هذا الى سلسلة طويلة من ندوات أُخرى في مواضيع أُخرى شهدتْها جامعة سيدة اللويزة حتى باتت، بتلك الأنشطة، مِحْوَراً أساسياً في الْحركة الثقافية اللبنانية على مُختلف الصعُد.
الْجامعة ليست فقط حَرَماً من أبنية، ولا كَمّاً من طلاب، ولا أعلاماً من أَساتذة. إنّها منارةٌ تضيء على برّ الْمعارف وبَحر التراث. وهو دأْبُ معظم جامعاتِنا الكبرى في لبنان.