هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

327: أُكتبوا أطروحاتكم عن لبنان

السبت 18 تشرين الأول 2003
– 7 2 3 –
الرسالة الْجامعية الرصينة التي قدَّمتْها أنْجليك بعينو في كلية الآداب من جامعة الروح القُدُس – الكسليك (ترجمة الى الإنكليزية لفصولٍ من كتاب أنطوان الْخوري حرب “لبنان: جدلية الاسم والكيان” مع شروح عن الترجمة وملابساتِها وظروفها وقاموسها الْمتخصص) فتحت أُفقاً واسعاً من الْمنحى اللبناني لدى جامعيّينا. وبدا ذلك واضحاً من افتتاحية الأستاذ الْمشرف ورئيس اللجنة الدكتور ناجي نصر (صاحب كتاب “سعيد عقل فيلسوفاً”) بقوله إن “هذا الكتاب الْجدّيّ جدير بترجمة رصينة كهذه لأنه مصدر اعتزازٍ للتراث اللبناني، وكم يَجدر بطلابنا أن ينحوا صوب تراثنا فيعملوا عليه تَحليلاً أو كتابةً أو ترجمات”. وبدا الأمر نفسه في تشديد عضو اللجنة الدكتورة روزي غَنَّاج بقولِها إن “ترجمة هذا الكتاب قيمة في ذاتِها لأنّها موفقة جداً ونتمنى على أنْجليك بعينو ترجمة الكتاب كاملاً لِما فيه من قيمة عالية وإضاءات على تاريْخنا أساسية، ولِما تَمكّنَتْ في ترجمته من تَجاوز صعوبة النص بنسيجه القاموسي والتقني والتاريخي القديم، ومن الدقة في ترجمة البنية النصية والتراكيب – وخصوصاً التراثية القديمة منها- وتقديْمه في إنكليزية عالية سائغة نودّ لو نغنم منها لتراثنا”.
هذا الأفق تفتحه أنْجليك بعينو، مدعوماً من أستاذَيْها نصر وغنّاج، يَحفزنا على لفت طُلابنا (وما أعلى رصانة معظمهم) الى الغوص أكاديْمياً على تراثنا اللبناني أدباً وتاريْخاً وفكراً وآثاراً وحضارةً وسياحةً وإرثاً عالَمياً، فيكتبون أطروحاتِهم حول تراثنا العريق، أو يترجمون منه صفحاتٍ مشْرقةً مشَرِّفةً تنقلنا الى لغات العالَم الْحيّة، فيعرفنا العالَم على حقيقتنا الْحضارية في وطن لا تغيب شَمس عن أرضه الأم ولا عن مغترباته الْمنتشرة في أقاصي الكوكب.
فيا أحبابنا الطلاب: كونوا أنتم رُسُل لبنان الأنقياء بعدما سياسيّوه – في ردح منهم كبير – يُمعنون في تشويهه عن جهل في إرثه أو عن ضلوعٍ في الاستزلام أو عن إيغال في الاستسلام، بغية الوصول الى مطامِحهم السياسية ومطامعهم الشخصية. فإياكم أن تكونوا أذكياء لأن الذكي يَجهل وطنه فيجهد ليصل هو ولو على حساب وطنه، بينما الْمؤمن يعرف وطنه فيعمل على إيصال وطنه. لذا نَحُثُّكم بإلْحاح على وضع أُطروحاتكم عن لبنان كي ينـتقل من جيلنا إليكم، ومنكم الى جيل مَن بعدكم وإلى الأجيال الْمقبلة. فالوطن الذي لا ينـتقل إرثه الْحضاري من جيل الى جيل، تَجتاحه العولَمة، بينما نَحن قادرون أن نواجهها بِعولَمة قوية هي مادة تراثنا العريق الذي، إن لَم تعرفوه أنتم فتَحفظوه فتحافظوا عليه فتُبْرزوه، ضاع في أمواج عولَمة تلغيه وتلغينا.
ألا فاعرفوا وطنكم. إعرفوه كثيراً كي تُحبُّوه، لأن غده هو أنتم لا طقمه السياسي. إن حاضره زبد ملوّث، لكن مستقبله النقي هو حفاظكم أنتم على وجهه الْحضاري ونقله، كما فَعَلَتْ أنْجليك بعينو التي حَمَلَت في صوتِها صباها الطَّموح وقالت في مقدمة الدفاع عن رسالتها إنّ دافعها الأوّل كان نقلَ ما اكتشفته من “عظمة لبنان التاريْخية والْحضارية عبر هذا الكتاب الرائع، كي ينـتـقل هذا الاكتشاف إلى أبناء جيلنا الذين لَم يعرفوه بِهذه العظمة”.
بلى: بِهذا الوعي على حقيقتنا، نضمن استمرار حاضرنا وماضينا في ذاكرة الْمستقبل.