هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

225: أليس عندنا غير سعيد عقل

الجمعة 2 تشرين الثاني 2001
– 225 –
اليوم يسلم سعيد عقل جائزته الأسبوعية الثالثة والثمانين. وفي أرشيف “النهار” ثبت كامل بمداولات التسليم، ورد فيه أكثر من مرة ما يكرره صاحب الجائزة، تقريباً كل أسبوع، من أن الجائزة “ضئيلة” على نائلها وأنه يهييء لجائزة أكبر في وقت قريب معتبراً أن مبلغ المليون ليرة أقل بكثير مما يطمح سعيد عقل إلى تقديمه للموهوبين.
ثلاثة وثمانون موهوباً حتى اليوم نالوا الجائزة. ثلاثة وثمانون مليون ليرة لبنانية وزعها شاعر حتى اليوم.
البعض ينحني إجلالاً أمام بادرته، والبعض الآخر يراه مجنوناً بلبنان ولا يزال يواصل جنونه. وهو في كلتا الحالتين، كعادته، زاهد بالمال، زاهد بجمعه (رغم ما سيرتسم على شفاه البعض من ابتسامة خبيثة عند قراءة العبارة الأخيرة، خاصة ممن يأخذون على سعيد عقل مطالبته ببدل لأحاديثه الصحافية والإعلامية ومحاضراته وأمسياته، وهذه سابقة في الشرق نبيلة تزيد من شرف الشعراء والأدباء جميعاً).
مليون ليرة كل أسبوع لموهوب لبناني. والغاية أولاً وأخيراً تحفيز الموهوبين على الإنتاج، شحذ الأقلام على الكتابة (ولا أيما كتابة، بل الجمالية واللبنانية النقية)، وإيجاد أجواء تنافس نبيلة سامية راقية في صفوف لبنانيين بارزين، من كل حقل فكري وأدبي وفني وعلمي وتقني وإعلامي.
تحفيز الموهوب بلميون ليرة كل أسبوع! والمبلغ (كما يقول الشاعر صاحب الجائزة) قليل. وإنه لكذلك إذا اعتبرنا أن المليون جزء من فائدة مصرفية على مبلغ يجمده صاحبه في المصرف حين هو ليس في حاجة إليه. ومراراً كرر سعيد عقل أن مبلغ الجائزة يفيض عنه بعد تأمين مأكله ومصروفه الشخصي اللازم، فلماذا لا يوزع هذا الفائض على من يستحقه من الموهوبين اللبنانيين؟
“مليون ليرة كل أسبوع”! فماذا لو تحولت الجائزة “مليون ليرة كل يوم”؟ أليس في لبنان ستة متولين يستطيع واحدهم أن يخصص مليون ليرة كل أسبوع، فتدور الجوائز يومياً على موهوبين لبنانيين ويدور القول في العالم أن في لبنان “جائزة يومية للموهوبين؟”.
هل خبر أجمل من هذا، أن تتناقل وسائل الإعلام في العالم خبر أن لبنان (هذا الوطن الغني بالموهوبين- لا “الوطن الصغير” كما يسميه “بيت بو سياسة”، فهو “دولة صغيرة”، صحيح، ولكنه وطن “غير صغير”-) يمنح جائزة يومية للموهوبين فيغطي هذا الخبر على ما يكتنف لبنان من وسخ السياسة العالمية والدولية والإقليمية وحتى المحلية؟
في لبنان نفر نبيل يمنح جوائز سنوية، وهذه بادرة غيرية سامية. فماذا لو تحولت هذه السنوية إلى أسبوعية من ستة لبنانيين متمولين (وما أكثرهم)، حتى يصبح لبنان فريداً في العالم بأخبار من ضوء ونبل وشرف؟
جائزة أسبوعية من شاعر! وحبذا لو يتقدم ستة متمولين لبنانيين يتداورون أسبوعياً على جائزة مليون ليرة تتوزع يومياً، فيصبح لبنان واحة تنافس نحو الأجمل والأرقى والأكثر تطوراً وتقدماً وعطاء.
عوض أن نرمي سعيد عقل بالجنون، فليتكاثر “مجانين” يجعلون لبنان ورشة مواهب وطاقات خلاقة.