هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

208: إهرعوا إلى “دار المكشوف”

الخميس 5 تموز 2001
– 208 –
الدار التي كانت أول “دار نشر” في لبنان بالمعنى المهني المحترف للكلمة،
الدار التي استقطبت أقلام كبارنا في الثلاثينات والأربعينات، فترة نهضتنا الأدبية المباركة،
الدار التي تأسست بـ”الصبي الأعرج” لموهوب شاب يومها اسمه توفيق يوسف عوّاد (1936)، والتي أطلقت “أفاعي الفردوس” لشاعر شاب يومها اسمه الياس أبو شبكة، فقال أنطون قازان لاحقاً: “ولد أبو شبكة مرتين: أولى في زوق مكايل سنة 1903، والأخرى سنة 1938 في عيادة “المكشوف” على يد الشيخ فؤاد حبيش…”.
الدار التي كانت مغامرة الشيخ فؤاد حبيش الجميلة، والتي ابتدأت في “انترسول” عتيق “على السور” لتبدأ معها، مجلّة وداراً، نهضة أدبية في لبنان امتدت إلى العالم العربي فخلقت حركة أدبية ضخمة ما زلنا نتفيأ ظلالها…
هذه الدار بالذات عادت ففتحت أبوابها بعد إغلاقها ردحاً من ربع قرن (بسبب الأحداث) لتستقبل من جديد من يعرفون قيمة “النوز” الأدبية التي فيها، والتي هي عناصر المجد الأدبي المعاصر في لبنان.
زرتها قبل أيام فوجدتها جميعها هناك: مترجمات لويس الحاج وجورج مصروعة، دراسات رئيف خوري ورشدي معلوف وبطرس البستاني وقيصر الجميل وعادل اسماعيل وعبداللكيف شرارة وأنطون غطاس كرم، قصص خليل تقي الدين وأحمد مكي وقدري قلعجي وكرم البستاني ومارون عبود ويوسف حبشي الأشقر (مطالعه الأولى) وتوفيق يوسف عواد، وإملي نصرالله (باكورتها “طيور أيلول”) وتوما الخوري يعقوب (بواكيره)، والياس الديري وروز غريّب وسليم حيدر وجورج جرداق، ودواوين الياس أبو شبكة وسليم حيدر…
كنوز حقيقية لم تعد اليوم في المكتبات، أو بعضها بات في طبعاته اللاحقة. ولكن محترفي الكتب والمكتبات يعرفون أهمية الطبعات الأولى من تلك الروائع الأدبية التي ما زالت فيها رائحة الحبر والورق من ذلك العهد المبارك، عهد صف الأحرف وصندوق الحبر والحروف وطبع الـ”تيبو” والتجليد اليدوي وطي الملازم بدون تحرير (قطع) حتى ليضطر القارئ إلى فتح الصفحات بالسكين لقراءة الكتاب.
حنين رائع إلى تلك الأيام الخوالي، مضموناً أدبياً وشكلاً طباعياً، يعرف قيمته العارفون ممن يقصدون المكتبات القديمة ليقتنوا الكتب القديمة بطبعاتها الأولى ثروات حقيقة (كاللوحات الأصلية) في مكتباتهم الخاصة.
“دار المكشوف” عادت فانفتحت وانكشفت كنوزها الرائعة النادرة، عب هذه الكنوز.
إهرعوا إلى “دار المكشوف”. القراء والعارفون والخبراء وهواة جمع الكتب في طبعاتها الأولى ومتتبعو الحركة الأدبية في لبنان وما لها من تأثير على جميع الأوساط الأدبية في العالم العربي، وتلامذة المدارس، وطلاب الجامعات، وكاتبو الأطروحات الجامعية والأبحاث الأكاديمية والمقالات المتخصصة… جميعكم، جميعكم، إهرعوا إلى “دار المكشوف” قبل أن يسبقكم إليها العارفون ويلهفوا ما فيها من روائع…
فلن يعوّض عنها ما لديكم من طبعات لها جديدة، ولا ظهور بعضها لاحقاً (!) على شبكات الإنترنت.