هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

198: أشهر من رنيه معوّض؟

الخميس 19 نيسان 2001
-198-
بعض من تراث البلدان، أعلامها ومعالمها، يظهر أحياناً على الطوابع البريدية، فيطير بين البلدان في العالم حاملاً صورة مشهد من البلاد أو صورة شخصية بارزة فيها. ولذلك تحرص الدول على اختيار أبرز ما عندها ومَن عندها، لتجعل صورة على الطابع تحمل هوية البلاد من خلال تلك الصورة.
وعندنا في لبنان بعض من الطوابع (أقول: بعض) تحمل رموزاً من عندنا أو مشاهد يعرف المتلقي أنها ترمز إلى لبنان. غير أن البعض الآخر (لحيوانات أو عصافير أو أزهار) يمكن أن يكون في أي مكان من العالم. وهذا ليس مهماً.
المهم اللافت ما رأيته الأسبوع الماضي حين لمحتُ على طابع بريدي صورة الرئيس الشهيد رينه معوض، وليس على الطابع أي اسم يشير إليه، إلاّ اسم (بالوجهة العمودية) لراسم الطابع أو مصممه أو منفذه، لا أدري.
وفي هذا ما فيه من الإهمال والفضيحة. وَلَو!!! هل يجوز أن يحمل الطابع اسم منفذ الصورة ولا يحمل اسم صاحب الصورة؟ هل بات هذا النكرة الرسام أشهر من رئيس الجمهورية؟ وإذا كان اللبنانيون يعرفون أن هذا الرسم هو لرئيس الجمهورية رينه معوض، فكيف لمتلقّي الطابع خارج لبنان أن يعرفوا؟
رأيت الكثير من الطوابع تحمل رؤساء جمهوريات في العالم، وهم معروفون من النظرة الأولى إليهم، ومع ذلك كان الطابع يحمل اسم الرئيس، وأحياناً تاريخي ولادته ووفاته، أو تاريه ولايته في الحكم.
فلماذا إغفال اسم الرئيس رينه معوض عن الطابع، عوض ذكر اسمه (وبالأجنبية كي يتعمم اسمه على العالم العربي الذي يقرأ الأحرف اللاتينية، وعلى العالم كله كي يعرف العالم أنها صورة رئيس من رؤسائنا في لبنان)؟
الأمر متروك للمسؤولين عن الأمير في وزارة البريد، الذين نتمنى عليهم التدقيق أكثر في ما يوافقون عليه من طوابع، وفي ما يجب ذكره على الطابع، كي يحقق الطابع دوره الرئيس: تسجيل توثيق للبلاد بأعلامها ومعالمها.
وعلى ذكر المعالم والأعلام، لماذا هذه الوزارة (وعلى رأسها اليوم الوزير الثقيف جان لوي قرداحي الذي اختبرناه ناشطاً في بلدية جبيل وناهضاً بمشاريعها الحضارية والأثرية) لا تعمد إلى استصدار مجموعة جديدة من الطوابع تحمل أعمالاً فنية لرسامينا ونحاتينا الغائبين، تذكاراً لهم وتخليداً لأعمالهم التي في كثير منها تضاهي الفن العالمي؟
وحتّى حين تقرر الوزارة طبع مشهد أو زهرة على الطابع، لماذا لا تذكر أن هذا المشهد أو الزهرة من طبيعة لبنان، كي لا يكون التغني بلبنان قصراً على قصائد الشعراء ومواويل العتابا والميجانا وحفلات الزجل وأغاني الإذاعة؟
إن الطابع البريدي، هذا الصغير الذي نادراً ما يلفت انتباه العامة، ضرورة أساسية ليحمل إلى العالم كلّه عبر غلاف الرسائل نكهة من عندنا، من أعلام لبنان ومعالم لبنان وعلامات لبنان. فلنسع إلى الصعوبة أكثر في الاختيار، كي يكون الطابع مميزاً رامزاً دلالة، ويكون لنا سفيراً آخر ينقل إلى العالم وجهاً من وجوهنا الحضارية أو المدنية.
ولكن، مرة أخرى: أيا يكن المشهد أو المنظر أو الصرة، فلنشرح باختصار (وبالأجنبية) مَن أو ما في الصورة، كي لا نقع في فضيحة أن نذكر اسم الرسام فيصبح أشهر من رئيس الجمهورية رينه معوض.