هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

164-163: لماذا يا ماري معربس؟

الخميس 31 آب 2000
– 163-
في كلامه إلى وفد حاكمية “الليونز” الجديدة، في القصر الجمهوري، كان الرئيس العماد إميل لحود يتحدث عن شؤون البلاد، فجاء في كلامه عبارة قالها حرفياً: “لبنان، هذه الدولة الصغيرة بمساحتها”.
يهمّنا التوقف عند هذا الكلام الدقيق بمدلوله ومعناه وحقيقته، دحضاً لما نسمعه غالباً من أهل “بيت بو سياسة” عن لبنان الوطن الصغير”. فثمة فارق شاسع يجب التمييز فيه كلياً وتماماً بين “لبنان الوطن” و”لبنان الدولة”.
لبنان الدولة هو هذه الرقعة التي من 10452 كلم مربع. وهي فعلاً مساحة صغيرة لدولة صغيرة، وهذا لا يضير لبنان في شيء، لأنه أثبت عبر التاريخ أنه بلد النوعية والجودة والمواهب، لا بلد العددية والكثرة والمذاهب.
ولبنان الوطن، هو هذه الـ”مساحة الروحية” (فؤاد حداد)، وهذا الـ”زغيّر ووسع الدني” (عاصي ومنصور الرحباني)، وهذا الـ”أوّلك الدنيا وآخرك الدنيا” (الياس أبو شبكة)، وهذا أبناؤه “يولدون في الأكواخ ويموتون في قصر العلم” (جبران)، يعني هو هذا الوطن الذي ينتشر أبناؤه النابغون في أربعة أقطار الدنيا، حتّى فلا بدّ في العالم إلاّ وفيه لبنانيون أدباء أو فنانون أو نابهون أو مواطنون مميزون، فيصح القول (بالإذن ممن يشككون دائماً ويتشاءمون دائماً ولا يرون النصف الفارغ من الكأس) إن لبنان في العالم هو حقاً “أمبروطورية لا تغيب عنها الشمس”.
الذين يلقون الكلام (ولا سيما من أهل “بيت بو سياسة”) عن جهل أو عن تجاهل، فليقتدوا برئيس الجمهورية ويستعملوا عبارة “لبنان هذه الدولة الصغيرة” لأن المساحة الجغرافية تنطبق على الدولة لا على الوطن الذي يجعله أبناؤه النابغون أوسع من كل المساحات.
– 164-
بقدرما فرحنا لخروج مواطنتنا اللبنانية ماري معربس من جهنّم الـ127 يوماً، وتابعنا بأنفاس مقطوعة مراحل المدّ والجزر في عملية إطلاقها، وتألّمنا مع حسرات والدتها خلال احتجازها الفاجع في جولو الفيليبين، وشعرنا بفرحة والدها الذي فتح ذراعيه ليضمها بدموع التأثر، وقدّرنا للحكومة اللبنانية إيفادها الوزير سليمان طرابلسي مكوكياً إلى طرابلس الغرب لتسلّمها “رسمياً” باسم الدولة اللبنانية…، فوجئنا، بذهول وأسى، لقرار ماري التوجّه إلى باريس أولاً “للإخلاد إلى الراحة في شقتها، ومن ثم العودة إلى بيروت”.
هذه بادرة من ماري معربس لا تتوافق مطلقاً مع بادرة انتظارها في لبنان (حكومةً، ووسائل إعلام، وشعباً)، بل يصدم تصرّفها بالتوجّه مباشرة إلى فرنسا (وطن جنسيتها الثانية) عوض أن يكون وطنها الثاني هو محط وصولها الثاني.
ألا يكفي أن وسائل الإعلام الأجنبية (الـ”سي.إن.إن.” بشكل خاص) كانت دوماً تذكر بلدان الرهائن ولا تذكر أبداً لبنان، بل تذكر فرنسا (كون ماري معربس تحمل الجنسية الفرنسية)؟
نحن لا نطلب أن تعود ماري فوراً إلى مزاولة السباحة في “السمايا”، ولكن، على الأقل، أن تأتي مباشرة إلى وطنها الأول لبنان الذي تنتمي إليه بالنسب، وينسبها إليه باعتزاز ترجمة اهتمامه رسمياً وشعبياً و… إعلامياً بما يليق.