هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

125: فضيحة أخرى… ضحيتـُها جبران

الجمعة 3 كانون الأول 1999
– 125 –
خلال احتفال “لبنان: الضفة الأخرى” العام الماضي في باريس، كان زوار معهد العالم العربي يقفون طويلاً مسحورين أمام لوحات جبران التي تم شحنها يمئذٍ خصيصاً من متحفه في بشري.
بين هذه اللوحات، اثنتان من لوحات كتاب “النبي”: “الزواج” (يد ممدودة بين الرجل والمرأة رمز الفسحة الضرورية بينهما لترقص فيها “رياح السماوات”)، و”الأولاد” (رامي السهم الذي قوسه من أولاد يرمي بهم إلى المستقبل). واختيرت اللوحتان، هذا العام، للنشر في كتاب تعليم اللغة الإنكليزية الصادر عن “المركز التربوي للبحوث والإنماء” لتلامذة الفرع الإنكليزي في المرحلة الثانوية- الصف الثاني ثانوي. فالمؤلفان، بوصولهما إلى المحور الرابع، وموضوعه “العائلة”، اقترحا أن يدرجا نصين من جبران عن “الزواج” و”الأولاد” (من كتاب “النبي”) ترسيخاً لقديسة العائلة المبنية على الزواج والأولاد. وزيادة في الحرص على إيصال الجو الجبراني النقي، ارتأى المؤلفان نشر اللوحتين الملازمتين في “النبي” للنصين المختارين، مع وضع أسئلة عنهما.
وحين عاد الكتاب من لجنة المراقبة، فوجئ المؤلفان بأن النصين بقيا، و…غابت اللوحتان، بحجة أنهما “غير محتشمتين، وتفسدان ذوق التلاميذ وتخدشان حياء التلميذات”.
وبدون مراجعة المؤلفين، صدر الكتاب في طبعته الأولى 1999، وعلى الصفحة 127 نص جبران عن الأولاد، وعلى الصفحة 130 نص جبران عن الزواج، وبقيت الأسئلة المصاحبة وفيها فرض يجيب عنه التلامذة متعلق بالرسوم، ولكن… طارت الرسوم وبقي السؤال عنها مع باقي أسئلة التمارين التي تربط بين نصوص جبران ورسومه.
معقول هذا الجهل؟ معقول هذا الغباء من مراقبين أميين يحجبون رسوم جبران عن التلامذة؟
وهل يجوز اليوم تطبيق سياسة “أبو جهل” الجاهلية، في عصر الإنترنت والصحون اللاقطة والمطات الفضائية التي باتت في متناول الصغار والكبار، ومن موادها كتاب جبران ولوحاته؟
وماذا عن الاعتراض على لوحات الإعلانات وفيها صور سيدات يعرضن سيقانهن إعلاناً للجوارب النسائية؟ هل على المعلن أن يصوّر قبعة المرأة أو حذاءها ويعلن عن… جواربها؟
أين نحن؟ في أي عصر نعيش؟ وهل هولبنان، لبناننا نحن، لبنان الرائد في المنطقة كلها؟
مع ذلك، سنظل نقاوم، وبعنف، هذه الحملة التجهيلية الجاهلية الجاهلة الجهلاء. فلبنان لن يكون مسرحاً آخر لتحجّر فئة من الحمقى والجهلة والأغبياء يتحكمون باسم الأخلاق والشرف، ورؤوسهم مليئة زيفاً ودعارة، حتى ليصبح فيهم قول سعيد تقي الدين: “أفصح ما تكون القحباء حين تحاضر في العفاف”.