هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

117: ميّ زيادة: الوفاء لمصر لكن الولاء للبنان

الخميس 23 أيلول 1999
– 117 –
في غمرة التحضيرات لمهرجان “نتذكّر مي زيادة”، وفيما الأقلام تتهيأ، في لبنان والخارج، للاحتفال بهذا التكريم على مستوى ما تستحقه مي وأثرها بين لبنان ومصر، بمشاركة من وزير الثقافة المصري الدكتور فاروق حسني، ومساهمة من وزيرة الثقافة في سوريا الدكتورة ناجح العطار، يطالعنا مقال في القاهرة من سناء البيسي عنوانه “مي زيادة: تبّت يد من تعبث بقبرك”، إشارة إلى المحاولات الجارية لنقل رفات مي زيادة إلى لبنان، وتحديداً إلى ضيعتها شحتول (في فتوح كسروان).
ومع ما في قلبنا من احترام لمصر، واحترام لاحترام مي وإقرارها بفضل مصر عيلها، هي التي ضمّتها الردح الأكبر من حياتها ورحبت بإنتاجها وصالونها وشخصيتها المميزة، نربأ أن نقرأ في مقال موتور كلاماً جاء فيه: “لا والله، ولا يتم ولا يكون يوم ينفذون فيه غرضهم، ويخطفون ما يبتغون، يوم يأخذونها منا، يوم ينبشون قبرها وينهشون رفاتها، يوم يقررون لها موطناً (!) تركته مدحورة هاربة بجلدها…”.
طبعاً، لا مجال للرد على كلام بهاتين الخفة واللامسؤولية، طالما أن مي التي رفعت الوفاء لمصر: “إيه مصر العزيزة عليك ألف تحية وسلام… عادت روحي إلى مصر، فدعوني أجلس وراء تلال الرمل حيث يقطن السكون غير المتناهي…”، رفعت أيضاً ولاءها للبنان: “كتبت اسم وطني ووضعت عليه شفتي كي أقبله. أحب عطور تربة الجدود ورائحة الأرض… لبنان، انحني لهذه الكلمة العذبة، كل الحب فيها وكل الرجاء، لأنها اسم الوطن الغالي”.
إن ميّ التي غابت على وفائها لمصر وولائها للبنان، ليس كثيراً عليها رجوع رفاتها إلى أرضها الأم. وكانت وزارة الصحة المصرية (في 4/5/1998) أجابت طلب وزير الثقافة السابق فوزي حبيش باستعادة الرفات، بأن ليس من مانع لديها، شرط تأمين شروط قانونية أوردتها في كتابها ذاك، يعمل المعنيون على إتمامها كي تجري عملية النقل.
وها وزير الثقافة المصري يشارك في احتفال مي (الجمعة المقبل 1/10/99 في الأونسكو) بكلمة نبيلة صادرة عن قلبه قبل قلمه، هو الفنان الثقيف المسؤول عن ورشة الإبداع في مصر.
أما هذا الهجوم على لبنان لأنه يستعيد رفات مي، فهو كلام أخرق غير مسؤول. إن أميركا لن تعترض على عودة رفات جبران، مع أنها كرمته في حياته واعترف لها بكل الفضل وكتب لغتها.
لكن هذا دائماً قدر لبنان في مبدعيه: يشعون في العالم نجوماً في سماء الأوطان الأخرى، حتى إذا غابوا وطالبت بهم سماء لبنان استكثروا على أرضه أن تضمهم، وهم بزغوا من ترابها الأقدس.