هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

84: الصحافة الممنوعة

الجمعة 5 شباط 1999
– 84 –
بعد هامش الزملاء في الصحافة المكتوبة (الأسبوع الماضي- “أزرار” 83)، نفتح هذا الأسبوع هامش الزملاء (والزميلات طبعاً) في الصحافة المسموعة، داخل الستوديو وخارجه.
بات من المرهق للأعصاب انتظار نشرة الأخبار في معظم إذاعاتنا، حتّ‍ى أصبح الاستماع إليها غير مريح إطلاقاً. فعدا تجاوز موعد النشرة بدقائق طويلة بسبب كثرة الإعلانات (على قاعدة: الإعلان عن حلول موعد النشرة- إعلانات- الإعلان عن النشرة ثم موسيقى بداية النشرة- إعلانات- موجز النشرة- إعلانات- وتقطيع النشرة بعدد مرهق من الإعلانات)، وهذا أمر يعود لإدارة الإذاعة ولا علاقة للزملاء فيه، يأتي أداء الزملاء والزميلات على غير ما نتوقع.
فعدا الأخطاء اللغوية الفاضحة التي “يرتكبونها” (ويستحي بها تلميذ سرتيفيكا)، وعدا التقطيع الهوائي والحلقي المزعج للعبارات والجمل، مما يفسد على المستمع متابعة الخبر مخبر لتلهّيه بخدوش سمعه من أخطاء المذيع أو المذيعة، وعدا مخارج الحروف التي تغيب أحياناً بشكل كلّي عن الميكروفون، يأتي ظاهرة المندوبين التي هي في أساس كتابة هذا المقال.
كيف؟ بما يلي: “يعلن مذيع النشرة عن تصريح لأحد رجال السياسة أو الدين ويقرأ مقطعاً من كلام التصريح، ثم يحيل المستمع إلى المندوب الخارجي الذي يصر (في لغة شنيعة التكسير) على مقدّمة لرسالته الصوتية يقرأ خلالها مقطعاً من كلام التصريح، وأخيراً (أخيراً) يعطي “صورة صوتية” لصاحب التصريح تتضمن المقاطع نفسها التي يكون قرأها المذيع في الستوديو ثمّ المندوب الخارجي. والحصيلة: نكون استمعنا إلى معظم التصريح الواحد ثلاث مرّات، ممتداً بصوت صاحبه (وهذا خطأ إعلامي) دقائق ثلاثاً أو أربعاً، فيما النشرة كلّها تكون لا تتجاوز الدقائق الخمس عشرة.
الشاهد: ليس ضرورياً أن يقدّم مذيع النشرة بمقاطع من التصريح يعيدها هي نفسها المندوب الخارجي، ثمّ يذاع التصريح نفسه بصوت صاحبه. وليس ضرورياً أن تذاع (على طريقة الإعلام التوتاليتاري في العالم الثالث) مقاطع طويلة (“محاضراتية”) من التصريح بصوت صاحبه.
النموذج الأنجح في هذا الموضوع، الإعلام الأميركي: جملة واحدة رئيسة من التصريح، ثمّ انتقال إلى خبر آخر وتصريح آخر. إما أن نظل راهنين وقتنا واستماعنا لأصوات “بيت بو سياسة” يرهقون أعصابنا بتصاريحهم العرضحالاتية في معظمها، فهذا هدر سخيف للوقت وخطأ مهني فاضح.
ويكون أنّ إعلامنا الإذاعي ضالع في هذين الهدر والخطأ.