هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

51: هذا الكازينو “الأُمِّي”

الخميس 18 حزيران 1998
– 51 –
كان مقرراً أن نكون مساء أول من أمس الثلثاء جالسين بتقوى الخشوع أمام الفن العالي، في مسرح تياترو لبنان، نصغي إلى أنامل عبدالرحمن الباشا، يعزف لنا من موزار وشوبرت وشوبان وبشارة الخوري، في كونشرتو تقرّر أن يأتي إلى لبنان خصيصاً كي يعطيه.
فجأة، ألغي الموعد، وتَمّ انتزاع الملصقات وسحب البطاقات من السوق، وتأجل الكونشرتو. والسبب؟ بكل بساطة: لم تسمح إدارة كازينو لبنان بنقل البيانو الكبير من المطعم (حيث هو الآن) إلى صالة المسرح (حيث يجب أن يكون، وحيث عزف عليه عبدالرحمن ووليد عقل، وحيث كان عنصراً مهماً أكثر من مرّة في أعمال الأخوين رحباني، “الليل والقنديل” تحديداً عام 1963).
نعم. البيانو (وهو من أندر البيانوات في لبنان لكبره وحجمه وجمال أدائه) في المطعم (المارتنغال) يرفّه عن الزبائن الكرام، ولم يرضَ رئيس مجلس الإدارة (في اتصال معه إلى باريس) أن يصار إلى نقل البيانو (ولو بفنيين محترفين)، مجيباً بكل بساطة: “ندبروا أمركم. وليأت العازف بالبيانو”.
ولما كان من سوء حظ حضرة العازف أنه لا يزاول عزفه على عود أو غيتار أو فلوت أو ساكسوفون أو كمان حتَّى يحمل آلته معه ويأتي، كانت النتيجة أن ألغي الاحتفال، لأن الجهة (الديبلوماسية) الوحيدة التي لديها بيانو مجهز للكونشرتو، رفضت أن تعيره، بعدما أساء استعماله مسؤولون سابقون عن احتفال، أعادوا البيانو في حالة سيئة جداً ولم يحافظوا عليه.
هكذا، بكل بساطة، جاء جواب إدارة كازينو لبنان، هي المفترض إنها وسيلة تسهل العمل الفنيّ الراقي، في واحة جميلة ككازينو لبنان، فألغي الاحتفال، وأشاح عبدالرحمن الباشا عن المجيء، بمرارة من أدرك كم وطنه بعيد عن دنياه، فيما أوطان الآخرين تتنافس عليه، وتتسابق إلى الإعلان عن كونشرتوات لـ”الباشا” الذي من حسن حظّه أنه لا يعزف في أمكنة يرفض مسؤولوها أن يجيئوا بالبيانو من مطعم الملوخية والفاصوليا إلى أصالة المسرح.