هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

40: ابني في أميركا لو سألني عن الزواج المدني

الخميس 26 آذار 1998
– 40 –
هل يستأهل موضوع الزواج المدني كل هذه الضجة؟
لو اتصل بي إبني من الولايات المتحدة، وسألني عن جديدنا في الوطن الحبيب، هل أتجاسر وأقول له أن الدنيا قائمة قاعدة من أجل موضوع… الزواج المدني؟
وماذا لو سألني: “ولماذا الضجة حوله؟ وكيف لا يكون إجراء روتينياً إدارياً كأي إجراء آخر من معاملات دوائر النفوي أو الأحوال الشخصية أو إخراج القيد أو السجل العدلي؟”.
وإذا قلت له أن بعض المراجع الدينية غير راض بالأمر، ماذا لو قال لي: “وما دخل المراجع الدينية وهو اختياري، ومن يريد عقد زواجه دينياً، مع المدني، يعقده ولا يؤذي مشاعر الدين ولا المذهب والطائفة؟”.
وإذا أجبته أن البعض يعتبره طعنة للدين، ماذا لو قال لي: “وملايين الملايين الذين يتزوجون في أميركا وأوروبا مدنياً، وهو مؤمنون ويمارسون شعائرهم الدينية بانتظام، بعضهم عقد مع المدني زواجاً دينياً وبعضهم لا، وفي الحالتين لم يؤذ زواجهم شعائرهم الدينية ولم يؤذ الدين؟”.
وإذا ناقشتهم بأن البعض يعتبر الزواج المدني هشاً لأنه سريع الطلاق وهذا يتسبب بتفكك المجتمع، ماذا لو أفحمني بالقول أن ملايين الملايين في العالم يتزوجون مدنياً، وللطلاق شروطه وضمانات المرأة والأولاد، وليس الأمر بهذه الخفّة وهذه السهولة كما يتوهّم بعض الساذجين، والمحاكم المدنية أشدّ وأقسى أحياناً في الطلاقات من المحاكم الروحية؟ وماذا لو أكمل بأن الزواج الديني يعقد الحياة العائلية ولا يفككها، حين يصبح عذاباً مريراً يضطر بسببه الزوجان إلى العيش في جحيم لا يطاق للطرفين، أو يبدأ الزوج باختلاس لحظات حميمة مخفية ويستمر بالظهور في المجتمع كاذاباً متزوجاً بينه وبين زوجته أخيلة أخرى وأطياف السوى لديه وربما لديها أيضاً؟
وماذا لو بادرني بالسؤال: “ما دامت الدولة اللبنانية تعترف بالزواج المدني المعقود في الخارج، كما تسجل الطلاقات المدنية المسجّلة في الخارج، وورقة عادية روتينية من السفارة اللبنانية في أي بلد من العالم تصادق فيها على الزواج أو الطلاق المعقودين في ذلك البلد، تأخذ بها دوائر الخارجية في لبنان ودوائر الأحوال الشخصية ويصبح الطلاق نافذاً في سجلاّت النفوس وكذلك الزواج”؟.
وإذا قلت له أن البعض متخوّف من عمليات الإرث في حال الطلاق، ماذا لو سألني هو عندها: “وعشرات الآلاف الذين يطلقون مدنياً في العالم، هل يصبح طلاقهم ناجزاً قبل أن يضبطوا في المحكمة أمور الميراث للطرف الآخر وللأولاد؟”.
ثم ماذا لو أنهى هذا الجدل الذي يعتبره متخلّفاً، وسألني: “هل هي حقاً مسألة خوف على الدين والطائفة والمذهب، أو على تجار الدين والطوائف والمذاهب ودكاكينهم التي يقفلها الزواج المدني؟
لعلّه، لو سألني هذا السؤال في البدء، يكون اختصر الجدل، فننتقل إلى مواضيع أخرى.