هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

22: ماجدة الرومي وصلت إلى قانا وإلى مطارح أخرى

الاثنين 11 آب 1997
– 22 –
من قرطاج إلى بيت الدين، ومن الهتفة إلى الهتفة، صرخة واحدة: “ماجدة”.
الصوت الذي نذر أوتاره لإيصال الرسالة، ها رسالته لا تزال تصل.
هل جديد أن نقول بأن بطاقات حفلتها في قرطاج (الجمعة 25 تموز الماضي) بيعت بكاملها (16000 بطاقة)، وعشية الحفلة (ليل الخميس) أخذ مسؤولو المهرجان قرار التمديد ليلة إضافية أخرى (الاثنين)، أنزلوا بطاقاتها إلى البيع في العاشرة من صباح الأحد، حتى إذا جاءت الساعة الثانية بعد الظهر كانت البطاقات الجديدة (ستة عشر ألفاً) مبيعة بكاملها خلال أربع ساعات، لأن الصحافة التونسية كانت أعلنت صباح السبت أن البطاقات ستكون في الأسواق قبل ظهر الأحد؟
إذا كان هذا معيار نجاح الفنان، فماجدة الرومي باتت ظاهرة في هذا المعيار.
وإذا كان تصفيق الناس لها طويلاً هو المعيار، فأغنية “قانا” وحدها قطفت في نهايتها تصفيقاً من جمهور مسرح قرطاج (ستة عشر ألفاً) خمس دقائق وقوفاً، والأغنية مدّتها ست دقائق. فكيف يحدث أن تصفيقاً لأغنية يكاد يكون بطول هذه الأغنية؟
الصحافة التونسية أجمعت على أن المهرجان في كل تاريخه (33 سنة) لم يعرف قرار التمديد حفلة إضافية لفنان مبرمج في سياق المهرجان. والمسؤول المالي عن المهرجان صرّح أن المهرجان لم يعرف رقم المداخيل لليلة واحدة وبهذه السرعة كما عرف لليلة ماجدة الرومي.
ولم يحدث أبداً أن طلب مدير مهرجان قرطاج من فنان تجديد ليلة ثالثة (شاءها المدير خاتمة المهرجان هذا العام) كما حدث مع ماجدة الرومي.
هذا كلّه لماجدة؟ وللبنان كذلك.
وتونس معيار للذوق الغني، عدا كونها اليوم عاصمة الثقافة العربية. ولبنان نجم في قرطاج. و”هنيبعل” غسان الرحباني قطفت نجاحاً قلّ أن عرفته مسرحية بحجمها من قبل على مسرح قرطاج.
ومن قرطاج إلى بيت الدين، والتهبت أكفّ الحضور في باحة القصر لصوت ماجدة طالعاً من قلبها لا من حنجرتها النادرة. ولوح لها جمهورها بالأعلام اللبنانية. وإلى الورد الكثير، قدّمت لها صبية علم لبنان فحملته ماجدة وأكملت به حفلتها حتَّى النهاية وهي تحضنه إلى زندها وقلبها. ووقف الجمهور تحية لأغنية “قانا” في تصفيق طويل. ولـ”بيروت ست الدنيا”، و”سقط القناع”، عدا أغانيها العاطفية التي هدلت في قلوب الناس، فرددوها معها مرات، ومرات حبسوا أنفاسهم حتَّى نهاية الأغنية لينفجروا مصفقين في حرارة كثيرة وفي حب كثير لهذه الفنانة التي باتت صوتهم ورمزهم العالي.
من قرطاج إلى بيت الدين، وبينها فقرا، لا تزال ماجدة الرومي تغني بأوتار قلبها، لتحمل الـ”لا باسم شعبها ووطنها، صرخة من الضمير اللبناني الحيّ النقيّ ضدّ بشاعات العالم.