هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

6-5: ظلال وبيئة أبهى

الجمعة 11 تشرين الأول 1996
– 5 –
عاد منير أبو دبس.
قوياً عاد، ونضراً، وعنيداً في خطّه، ومؤمناً أكثر بالتفاعل بين الجمهور والممثل.
أوراتوريو “النبي والظلال” (على مسرح مار يوحنا مرقس- جبيل، ثم في مسرح بيروت)، مشهدية من 75 دقيقة هي بين أفضل ما يعطى لنا أن نشاهد من فعل مسرحي.
النص حجة عند أبو دبس. والجمهور حجة. والهدف: المناخ الطقسي يخلقه الممثل. وهذه المرة أضاف حركة أخرى: المكان، وبتقاسيم المبدع نداء أبو مراد. جعل خطوط الموسيقى تتقاطع وحركة الممثل في خلق الحنين. وجعل أوجينيا ونافلة (بأداء ممتع من تقلا شمعون وليليان يونس) تحملان من الفريكة حنيناً إلى جبران بين بشري وبوسطن ونيويورك في ثلاث مسافات متداخلة يربطها إخراج وأداء يأخذان الجمهور بين أضواء وظلال.
جميلة مشهدية منير أبو دبس الجديدة. أخذتنا إلى أبو دبس الستينات: المدرسة التي أطلقت كبار خشبتنا اليوم تَمثيلاً وكتابة وإخراجاً. لكن “النبي والظلال” مشغل مسرحي، تمنيناه يصقل الممثل إلى مشهدية ذات نص يبلغ جمهوراً أوسع، كي يكتشف هذا بأن المسرح ليس نصاً مسطحاً ولا ضحكة رخيصة ولا تَحركاً تشكيلياً على خشبة.
منير أبو دبس نحتاجك إلى جمهورينا الأوسع، كي يتثقف على يديك، لأن جمهور الـ”أوراتوريو” سيظل جمهور محترف أو مشغل، ونحن نرمي إلى جعل المسرح حاجة أسبوعية في روزنامة كل بيت لبناني. وأنت لها: فاخرج من المحترف إلى أصالة، إلى خشبة أوسع.

-6-
شكراً لـ”المنبر الأخضر” على تحركه في “أبو ميزان”. ها هي المقالع تصمت بقرار (!؟) من مجلس الوزراء، وتتوقف مجزرة بيئية وإنسانية في منطقة مذبوحة من لبنان.
وكان “المنبر الأخضر” تحرك وتوقفت الكسارتان في قرطاجة. والتصميم متواصل. وقريباً دور نهر الموت وأنطلياس. وبعدهما كل كسارة في لبنان وكل مقلع.
وشكراً لقلم الزميل الكبير راجح الخوري على كرباجه الموجع (“نهار” 9 الجاري)، وعلى حملة حادة في وجه وزارة عندنا محسوبة علينا وزارة البيئة، لا تسوس البيئة في شيء.
وقبل مدة، حرائق هنا وهناك ثبت أنها مفتعلة لرغبة لدى أصحاب الأرض في تحويل الخضار والأراضي المشجرة إلى مقالع وكسارات ومرامل.
لن يفلت “الملق” أكثر، ما دام عندنا قلم من نار كما في يد راجح الخوري، وضمير واع كما لدى الشباب والصبايا في “المنبر الأخضر”.