هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

الحلقة 19: كيلومتران من الحضارة في زوق مكايل

(الخميس 11/3/2004)

كلامي في حلقة أمس الأربعاء على ضرورة فرض النظام في الشارع، ومنع الوقوف على جوانب الشوارع وأرصفة الْمُشاة، رأى فيه البعض مُجَرّد تنظير لا يُمكن تطبيقه.
ورأى البعض الآخر أن الْموضوع “فالِج لا تعالِج”، فلا الدولة قادرةٌ على ضبط الْموضوع، ولا الْمواطنون سيحترمون هيبة الدولة طالَما هي غير قادرة على ضبط الْمُخالفات.
مش صحيح، هذا الكلام. مش صحيح. وعندنا دليلٌ واضحٌ على ذلك.
في زوق مكايل، البلدة النموذجية التي أدخلت لبنان الى العالَمية عن طريق فوزها بِجائزة الأونسكو عام 1999 عن كل العالَم العربي، كمدينة نَموذجية للسلام والإنماء، ثَبُتَ أن الْموضوع ليس تنظيراً بل يُمكن تطبيقُه.
ففي زوق مكايل حيٌّ مُجَدَّدُ البُنية التحتية، هو حي مار مخايل، يمتدُّ من بيت الياس أبو شبكة الى مدرسة مار مخايل. طوله بالضبط 2 كيلومتر. شقّت فيه البلدية شارعاً جديداً عريضاً، ذا رصيفين عريضين مرتَّبين، وخطٍ أبيضَ متواصلٍ غير متقطع يَمنع الوقوف خارجه، بل يفرض الوقوف داخله لِجهة الأبنية حيث فتحت البلدية فسحة عريضة أمام كل بناية لوقوف السيارات، كما شقَّت في هذين الكيلومترين موقفين عامّين للبلدية مَجانيَّين، للسيارات التي لا يبقى لَها مكان أمام فسحات الأبنية. ومنعت البلدية الوقوف على الرصيف أو على جانبي الطريق خارج الْخط الأبيض الْمتواصل.
في بداية الأمر، عند فتح السير على الطريق، احلنشش بعض الْمواطنين غير آبهين لإشارات السير الواضحة بِمنع الوقوف، فوقفوا خارج الْخط الأبيض الْمتواصل ووقفوا على الأرصفة مسببين تكسيراً في جوانبها، لكنهم كانوا يفاجأُون صباحاً بِمحضر الضبك يصبِّحهم قبل دخولهم السيارة للذهاب الى أعمالهم. ولم تشفع بالوجهاء منهم مراجعةُ رئيس البلدية الْمحامي نهاد نوفل. القانون قانون على الْجميع، كان جواب نهاد نوفل الذي أمر بتسيير دوريات طوال النهار وساعات الليل، لضبط مخالفات الوقوف على جانبي الشارع أو على الرصيف.
وما هي حتى انصاع الْجميع، ويستطيع أَيٌّ منكم اليوم أن يزور الشارع في أية ساعة من النهار أو الليل، فلن يرى فيه، وطوله كيلومتران فقط، إلا سياراتٍ داخل الْخط الأبيض، والرصيفَ خالٍ إلاّ من الأشجار الْمزهرة.
بلى: كيلومتران من الْحضارة، فرضهما نهاد نوفل في زوق مكايل بإمكاناتٍ بلدية مَحدودة، فلماذا لا تفرض الدولة، في شوارع الوطن، كيلومترات الْحضارة، بإمكاناتها التي أبرز ما منه تشكو: فائض الْموظفين؟