هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

الحلقة 18: حين تُصبح شوارع المدينة كاراجات المواطنين

(الأربعاء 10/3/2004)

شكراً لوزارة الداخلية على جهودها الْجدّية في القيام بما تمليه عليها العودة من منطق الْحرب الى منطق تنظيم البلاد، على مُختلف الصعُد.
غير أن ثُقوباً، بعد، لا تزال تعتوِرُ هذه الْجهود، من دون أن تكون مكلفةً أو متطلِّبَةً عناصر إضافية لضبطها.
منها، مثلاً، هذه الظاهرة الْمقرفة: الوقوف في الشارع حيث الوقوف ممنوع، أو الوقوف على الرصيف الْمخصص للمشاة.
فرغم الإشارات الواضحة بعدم الوقوف على جانبي الشارع، لا يستحلي الْمواطنون الأشاوس الوقوف إلاّ على جانبي الشارع، مطمئنّين الى أنهم لن ينالوا العقوبة على هذه الْمخالفة.
وحين تُعْوِزُهم جوانب الشوارع، يعربشون عل الأرصفة بشكل عمودي تقاطعي بشع، يَحول دون مرور الْمشاة على الرصيف فيسيرون زيكزاكياً بين سيارة ورصيف وشارع، حتى يستحيل عليهم استخدام هذه الْمساحة الضئيلة الْمخصصة لَهم.
أعود الى السؤال الْمكرور نفسه: هؤلاء الْمواطنون بالذات، الْمخالفون على جانب الشارع أو على الرصيف، لِماذا لا يتجاسرون على الوقوف هكذا في أية عاصمة أو مدينة أُخرى في العالم؟
لِماذا؟ الْجواب واضح. لأن رجالَ شرطةِ السير هناك دائمو الْحضور، جاهزو دفاتر محضر الْمخالفة، سريعو تعليق الضبط على زجاج السيارة، من دون “يا أمي ارحميني”.
لذلك، يرعوي الْمواطنون هناك، ومواطنونا الأشاوس كذلك هناك، عن الْمخالفة وإيقاف السيارة على جوانب الشوارع أو على أرصفة الْمشاة.
جاء يوم في لبنان، كان شاويش واحد في الضيعة، يُرعب كل الضيعة، وبوليس سير حازمٌ واحد في الْمدينة، يُخيف سائقي الْمدينة.
الْمطلوب من وزارة الداخلية، أن تُعيد الهيبة الى هذا البوليس، والى ذاك الشاويش.
فالدولة، قبل أن تكون قوانين وأنظمة، هي أولاً وأخيراً… هيبة.