هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

1100: فـَـلـْـ،ـَـتـَـخـَـيَّـلْ…

إذاعة “صوت لبنان” – برنامج “نقطة على الحرف”
الحلقة 1100: فَـلْــنَــتَــخَــيَّـــلْ…
الأَربعاء 22 أَيَّـــار 2013

لم يكن مفاجئاً أَن تتَّخذ إِدارةُ الرئيس الأَميركي ريتشَرْد نِكسُن قراراً بترحيل جون لينُون من البلاد بعد ذُيوع أَغانٍ له مُضادَّةٍ معاركَ ﭬـيتنام، أَثارت تيّاراً شعبياً أَميركياً واسعاً ضد الحرب، بينها أُغنية “تَـخيَّلُوا”: باعَتْ أُسطوانتُها ملايين النسخ لدى صدورها سنة 1971، وباتت بين أَشهر مئة أُغنية في القرن العشرين. وهي دعَت إِلى السلام في عالمٍ من دون انقساماتٍ ولا حواجز ولا حدود ولا جنسيات ولا الاستئثار بقيود وملكيات. ومما جاء فيها: “تَخيَّلوا أَنْ ليس من نعيمٍ ولا جحيم وليس فوقنا سوى هذا الفضاء الوسيع! تَخيَّلوا الشعوبَ كلَّها شعباً واحداً يعيش أَيامه في أَمان… تَخيَّلوا أنْ ليس في الأَرض دولٌ ولا ما مِن أَجله يُقْتَلُ الناس أَو يموتون بل عالمٌ يعيشون فيه بسلام… تَخيَّلوا أنْ ليس في الأَرض ممتلكاتٌ فلا جشعٌ ولا جوع بل أُخوَّةٌ إِنسانيةٌ هانئةٌ يتشارك بها كلُّ الناس في كلّ شيء… قد تقولونني حالـماً لكنني لستُ وحدي، فثمة حالـمون سوايَ كثيرون يتمنَّون أَن يصبح العالم كلُّه واحداً في الشراكة”.
صحيح: قد يقول كثيرون إِنه حالم… إِنه شاعرٌ يحلُم… خصوصاً أَنّ كثيرين ينعَتُون الشاعر بالحالم خارج أَرض الواقع.
ولكنْ… ما العالم من دون حُلم؟ ما العُمر من دون حُلم؟ ما الحياةُ من دون حُلم؟
الحُلم بالحُب حتى يأْتي. الحُلم بالسعادة حتى تتحقّق. الحُلم بحياةٍ هنيَّةٍ من دون سَواد… الحُلم بوطنٍ سعيدٍ مُتَآخٍ مُتَصالح!
كلُّ طُموحٍ يبدأُ بِـحُلْم. كلُّ نجاح يبدأُ بـِحُلم. كلُّ وُصول يبدأُ بِـحُلم. فلماذا نكرانُ طهارةِ الحُلْم؟
تَـخَـيَّلوا؟؟؟
فَـلْــنَــتَــخَــيَّـــلْ. ولْنَبْقَ في لبنان فلا نُباعد.
لِـــنَــتَــخَــيَّـــلْ لبنان من دون مجلس نيابي أَو من دون حكومة أَو من دون ديمقراطية. هل لبنان يبقى لبنان؟
لِـــنَــتَــخَــيَّـــلْ لبنان من دون نظام ومؤسسات ومسؤولين إِداريين ذوي ضميرٍ مهنيٍّ يَسوس الإِدارة في أَمان، هل لبنان يبقى لبنان؟
لِـــنَــتَــخَــيَّـــلْ لبنان من دون فنانيه وأُدبائه وشعرائه ومفكّريه ومُبدعيه في كل حقل من الحقول المعرفية، هل لبنان يبقى لبنان؟
لِـــنَــتَــخَــيَّـــلْ لبنان من دون جناحه المنتشِر في العالم مناراتٍ تسهم في بناء الإنسانية والحضارة الحديثة، هل لبنان يبقى لبنان؟
لِـــنَــتَــخَــيَّـــلْ لبنان مُفْرَغاً من مؤسساته الدستورية والتشريعية والتنفيذية كما يَـحلُم البعض أَن يوصله معرقِلاً كلّ جهد للإِمساك بتلك المؤسسات، منفِّذاً مخططاتٍ شيطانيةً خارجيةً مدمِّرةً شعبَنا ووطنَنا ونسيجنَا الوطني، هل لبنان يبقى لبنان؟
كلُّ هذا الـمُتَخَيَّل جوابُهُ “لا”: لبنان لن يبقى لبنان إِذا تَـخيَّلناهُ كما افترضنا.
ولكنْ… أَليس من جوابِ “نعم” على أَيِّ مُتَخَيَّل؟
بلى: جوابٌ واحدٌ بـ”نَعَم” واحدة على متخيَّل واحدٍ: لِنَتَخَيَّلْ لبنان من دون حفنةِ سياسيين مأْجورين مُباعين مُستسلِمين مستزلِمين ليَدٍ خارجيةٍ تُديرهم بالريموت كونترول دَسّاً وَسُمّاً على شعب لبنان ومؤسساته، هل لبنان يبقى لبنان؟
الجواب: نَعَم بدونهم لبنان يبقى لبنانَ الأَفضل والأَجمل والأَصحّ والأَسلم والأَقوى والأَبقى والأَنقى.
لبنانُ المؤسِّسين والمؤسّسات يبقى، ولا يبقى مَن يؤَسِّسُون زعاماتهم على تَآمُرٍ ضدّ شعبهم، لأَنّ التاريخ يَرْذُلُ صغار المأْجورين ولا يُبقي إِلاّ على أَسيادِ قرارهم الأَحرارِ، مَن يَشربون من نَبع لبنان ويَشكُرون الله على نعمة ينابيعه.
أَما الذين يَرمون في ينابيعه حجارةً فلْنَتَخَيَّلْ لبنان من دونهم ونَـحْلُمْ، وَلْنَنَمْ – ولو ليلةً واحدةً – من دون كَوابيس.