هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

حرف من كتاب- الحلقة 42
“غسّان تويني”- مجموعة باحثين
الأحد 27 تشرين الثاني 2011

في 656 صفحة من الحجم الموسوعيّ الكبير، أَطْلَعَتْ “دار سُعاد الصُّباح” في الكويت، صورةَ غسّان تويني الرجل والصحافيّ والدِّپلوماسيّ والسياسيّ والكاتب، في شهاداتٍ وأبْحاثٍ وتَحقيقاتٍ ضمَّها هذا الكتاب الذي اكتفى بعنوان “غسّان تويني” اسماً دُونَهُ كُلُّ لقَبٍ وكُلُّ صفة.
في أَربعة فصولٍ كُبرى جَمعَتْ خميرةً ناضجةً من أَقلامٍ عارفةٍ خبيرة، تَسَلْسَلَ الكتابُ بدءاً بأبْحاثٍ مُعَمَّقَةٍ من الباحثين والكُتّاب: لطيف زيتوني، فارس ساسين، إدمون صعب، مسعود ضاهر، وڤكتور الكك، مروراً بذكْرياتٍ من خُلَّصٍ مقَرَّبين، بينهم: الأمير طلال بن عبدالعزيز آل سعود، نقيبا الصحافة محمد البعلبكي وزهير عسيران، سمير عطالله، راجح خوري، الياس الديري، صلاح ستيتيّه، عبدالرحمن الصلح، عصمت عبد المجيد، علي غندور، هاني فحص، السيد محمد حسين فضل الله، كلوڤيس مقصود، والبطريرك اغناطيوس هزيم، بلوغاً إلى مَحطّاتٍ من سيرة غسّان تويني بِصُوَرٍ فوتوغرافيةٍ فريدةٍ من أيام “النهار” أُسْرةً ومواقفَ وجريدةً أَصبحت مَملكةً تُعْلي حكومةً وتُسْقِط حكومة، وفي مكتب عميدها يُهيَّأُ رئيسُ جمهورية أو يُهَيَّأُ سقوطُ رئيس، إلى صفَحاتٍ مصوَّرةٍ تاليةٍ عن غسّان تويني رجلِ الحريّات وما عايَنَهَ وما عاناهُ من توقيفٍ وسجْنٍ ومُحارَبَة، إلى غسّان العقائديّ ونضاله الحزبي، إلى غسّان الأرثوذكسي وحضورِه الفاعل، إلى غسّان معركة “النهار” مع الحُكْم في لبنان بين تعطيلٍ وتضييق، إلى فكرة إصدار الملاحق في “نَهار الأحد”، إلى غسّان تويني الشاهدِ على عصره في مَجموعةِ صورٍ له مع كبار القادة في العالم، إلى العائلة التوينية منذ الوالد جبران والوالدة أَدال، إلى غسّان وأُسرته مع الزوجة الشاعرة ناديا، والأبناء نايلة التي قَطَفَها القدَرُ في طفولتها، ومَكْرَم الذي خَطَفَه القدَرُ في بُرعُم شبابه، وجبران الذي خطَفَه قدَرُ لبنان وهو في قمّة زخْمه البركاني رجُلَ مواقفَ وسيِّدَ جُرأةٍ وشهيدَ وطنٍ حُر، ثم مع ابنتَي جبران نايلة وميشال، وتوأَمِه ناديا وغبرييلا، وأرملتِه سهام، وصوَرٍ للعائلة تُحيط بالجَدّ غسّان وزوجتِه وملاكِه شادية ربيعِه الحاني ورفيقةِ خريفِه.
الفصل قبل الأخير من الكتاب، ضَمَّ افتتاحياتٍ ساطعةً من غسّان تويني، أَقْدَمُها افتتاحيَّتُه نهار 21 أيلول 1949 عن الرئيس بشارة الخوري، وأَحْدَثُها نهار 9 نيسان 1990. وتتصدَّر هذا الفصلَ مقدِّمةٌ لافتةٌ جاء فيها: “تعاقَبَ على رئاسة الجمهورية اللبنانية أَكثَرُ من رَجُل. تغَيَّرَت الأَسماءُ والبرامجُ لكنَّ رسائلَ غسّان تويني إلى الرُّؤَساء بقيَتْ في ذاكرة التاريخ شاهداً على ما يَطمحُ إليه كُلُّ مؤْمنٍ بالحرية والعدل والارتقاء، وظَلَّ غسّان تويني يُخاطب الرؤساء وهاجسُه الأوَّلُ بناءُ الدولة، ولا يَزال هاجِسَه حتى اليوم داعياً إلى لبنانٍ جديدٍ حُلْمُهُ غَدٌ أفضل”.
وتَختَتِمُ الكتابَ رحلةٌ مُمتعةٌ مع غسّان تويني بِمجموعة خُطَبٍ له ومُحاضراتٍ في مواضيعَ يكادُ لا يغيبُ عنها موضوعٌ ذو علاقةٍ بلبنانَ الوطن والشعب والمستقبل، لِوَسَاعةِ ما في فِكْر غسّان تويني من أَحلامٍ كبيرةٍ لِـلُبنانه الحضاري.
كلمةُ الوفاء في الكتاب، قالَتْها المشْرِفةُ عليه الشاعرة سعاد الصباح في مقدِّمة الكتاب: “غسّان تويني معجونٌ بالثورة ولو على نفْسه، وبالحريّة ولو ذَبَحَتْهُ، وبالديمقراطيةِ ولو أَمْسَكَها بِماء العين. إنه صانعُ صِحافةٍ يَحقُّ له فيها أَن يدَّعي إمامة الكلمةِ الجديدة، الكلمةِ النار، الكلمةِ الطريق، الكلمة الباقية على الأيام”.
هذا الكتاب الموسوعي عن “غسّان تويني”، مهما تَمَوْسَعَتْ صفحاتُه وصفحاتُ كتُبٍ كثيرةٍ بعدَه، لن تَتَّسِعَ له، هذا الذي وَسِعَ به الأُفقُ حتى ضاقَ عن اتساع. فَمَن كان من طينة غسّان تويني، لا يَليقُ به أُفقٌ ذو حدود، تَماماً على صورة لبنان اللامَحدود، كما رآه وَكَتَبَه غسّان تويني.