هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

918: شُرعة السياحة وضبط الاستباحة

الحلقة 918: شُرعة السياحة وضبط الاستباحة
الأربعاء 30 حزيران 2010

مع مطلع فصل الصيف، وطلوع الأرقام المتوقّعة للوافدين، ومطالع العائدين الى لبنان من منتشريه في العالم وزوّاره وسيّاحه، واطِّلاع المعنيين وإِطْلاعهم إيانا على موسمٍ سياحيٍّ مرتقَبٍ ناشطاً زاهراً مزدهراً مُحْيِياً صيفاً للبنان كان اعتاده لبنان ويعود يعتاده من جديد، يَجمُلُ الوقوف على وقائعه، والتوقُّف عند واقعه، كي يكون واقعُهُ مؤاتياً توقُّعاتِه.
أُولى الوِقفات عند الأخلاقيات السياحية الـيَجِب أن يتحلَّى بها المواطن المقيم أولاً، قبل أن نطلبها من الزائر أو السائح أو اللبناني العائد صيفاً الى حضن بلدته وحصن أهله وأحضان لبنان. والمواطن المقصود هنا ليس الفرد العادي بل المستثمر السياحي أوَّلاً، من مسؤولي الفنادق الى مسؤولي المطاعم الى مسؤولي مكاتب تأجير السيارات الى ذوي التاكسيات الى مكاتب السياحة والسفر، الى سائر المعنيين بقطاع السياحة في لبنان، أن يكونوا شاغلي هذا الموسم لا مستغلّيه، ومرآةَ هذا الصيف لا مشوِّهيها، ونموذجَ الضيافة اللبنانية لا تُجّارَها. من هنا التنبُّهُ الى الصدق في التعامُل والمعاملة، فلا غشّ في المواد الاستهلاكية ولا في الأسعار ولا في البضائع، ولا إعلاناتٍ فضفاضةً من دون مضمون يوازي الإعلام عنه، ولا استباحةَ للسائح تجعله يشعر بأنه في لبنان عرضةٌ للاستغلال والاسترزاق والانقضاض على إمكاناته المادية قبل استقبال حضوره الدَّمِث في ربوع لبنان.
من هنا “شُرعةُ أخلاقيات السياحة” كما وضعتْها منظَّمة السياحة العالمية، وشدَّدَت عليها كي تكون إطاراً ومضموناً يسترشد بهما المعنيون المحترفون، والمواطنون العاديون، تَجنُّباً للحوادث والمشاكل وأيِّ سوء تفاهم مُمكن. وهو ما عادت فشدَّدت عليه المنظمة خلال الاجتماع الرابع والثلاثين الذي عقدته الأُسبوع الماضي في صنعاء (اليمن) لجنة الشرق الأوسط في منظمة السياحة العالمية، برئاسة لبنان الذي يرأس هذه اللجنة حالياً، في معالجة السياحة البَيْنِيَّة، وتنشيط السياحات الداخلية والإقليمية، وُصولاً الى تثبيت السياحة المستدامة.
ليس يكفي التغنّي بلبنان الطبيعة الساحرة والجبال الشماء والشواطئ الزرقاء والواحات الخضراء، إن لم نكن جديرين بهذه الطبيعة والجبال والشواطئ والواحات. وجدارتُنا تَبدأ من أخلاقياتنا السياحية تجاه ذواتنا أولاً، ثم تجاه السوى من الوافدين: زوّاراً وسيّاحاً وأهلاً عائدين صيفاً، كي نكونَ فعلاً على مستوى السياحة في لبنان مورداً أساسياً للدولة، ومرآةً أساسيةً للشعب، وعنواناً أساسياً للبنان الجمال الذي تُشكِّل فيه السياحة شَـعَّ جماله.
هكذا نستقبل مئات الآلاف هذا الصيف، حتى إذا أَحسَنَّا الوفادة، تضاعفَت الآلافُ آلافاً، وتَمَلْيَنَ موسمُ لبنان، مليوناً بعد مليون، وصيفاً بعد صيف، ليصبحَ لبنان موسماً سياحياً مستداماً، يتمدَّد هانئاً طوال العام على زوغة الأربعة الفصول.