هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

656: خرّيجو الموسيقى واجهةُ المجتمع

الحلقة 656: خرّيـجُـو الموسيقى واجهةُ المجتمع
الأحد 2 كانون الأول 2007

في إحصاءٍ نشرته أمس الأول وكالة رويترز من تورنتو (كندا) أن الذين يتبوَّأُون اليوم مناصب عليا بعد تَخرُّجهم بشهادات عليا، كانوا في مراحلهم الابتدائية والثانوية يدرسون الموسيقى، أو أعضاء في كورال مدرسي، بمعنى أنهم أمضوا ساعاتٍ طويلةً من صباهم يتعلَّمون العزف ويعزفون، أو يتعلّمون الغناء ويغنُّون في جوقة.
وأظهرت دراسة الإحصاء (الذي أجرته مؤسسة “هاريس إنتر أكتِڤ” (Harris Interactive)) أنّ 88% من المتخرجين بشهادات عليا: كانوا يدرسون الموسيقى، عزفاً أو غناءً، خلال دراستهم الثانوية، وأنّ 83% من كبار الموظفين أو ذوي المسؤوليات الحساسة: درسوا الموسيقى، عزفاً أو غناءً.
وفي هذه الدراسة يوضح جون ماهْلمان (من الاتحاد الوطني للتربية الموسيقية في مدينة ريسنتون – ولاية فرجينيا الأميركية) أن ذلك يعود إلى كون “مَن يدرسون الموسيقى فيعزفون أو يغنُّون في جوقات، يتمتَّعون بذوقٍ عميق، وانضباطٍ دقيق، وحسٍّ رقيق، سواءٌ في العمل الفردي عزفاً، أو في الانخراط الجماعي غناءً كورالياً، ما قوّى عندهم، لاحقاً في الحياة العامة، أخلاقيةَ التصرُّف والسلوك في المجتمع”. وهو هذا ما أجاب عنه 80% من 2565 شخصاً شملهم الإحصاء المذكور، أجمعوا بأنّ “جمال عالم الموسيقى هو في تغذيته الجَلَدَ على العمل، والمواظبةَ الدؤوب، وشعورَ الفرح الدائم والانشراح النفسي الذي يولّد التفهُّم والانفتاح”.
هذا في الغرب، حيث الموسيقى جُزءٌ من الحياة اليومية عند الناس. فماذا عندنا؟
عن رئيس الكونسرفاتوار اللبناني الدكتور وليد غلمية أن “الإقبال على دراسة الموسيقى يزداد عاماً بعد عام”، وأن الكونسرفاتوار “يستقبل مع مطلع كل سنة دراسية بين عشرة آلاف واثني عشر ألف طلب انتساب إلى المعهد الوطني العالي للموسيقى، لكن الإدارة عاجزةٌ عن الاستيعاب فلا تقبل سوى أربعة آلاف وثمانمئة إلى خمسة آلاف تلميذ. والسبب مزدوج: لا أماكن تستوعب جميع طالبي الانتساب، ولا أساتذة كافين لتدريس جميع المنتسبين لو انتسبوا جميعاً”.
ويبدو أن هذا الأمر قديمُ العهد، إذ لا تزال الحكومات المتعاقبة منذ سنوات تعجز عن زيادة ميزانية المعهد الموسيقي الوطني عندنا، كي يتعاقد مع مدرّسي موسيقى إضافيين، وكي يستأجر أبنية تستوعب التلامذة جميعاً. وبعدما توسَّع المعهد الموسيقي عندنا إلى اثني عشر فرعاً في مُختلف المناطق اللبنانية، ثمة في أدراج المسؤولين طلبات لفتح ثمانية فروع جديدة تنتظر موافقة الحكومة لرصد ميزانيةٍ تتيح للمعهد التعاقدَ مع مدرّسين جدد واستئجار أبنية جديدة.
قد يشمخرُّ أحدُهم الآن ويسأل مُسْبَطِرّاً: “وهل الآن وقت الحديث عن هذا الموضوع، والبلد قائم قاعد ومشغول بالاستحقاق الرئاسي”؟ الجواب حازم حاسم: “طبعاً. مش وقتها إلاّ الآن. فالرئيس العتيد الذي لن ينظر إلى الثقافة والفنون كمصدر رئيسي لثروة لبنان البشرية، سيكون رئيساً عادياً لمرحلةٍ عادية يحكم مزرعةً عادية، في حين ينتظر لبنان، لخروجه من النفق، مرحلةً غير عادية يحكمها رئيس غير عادي”.