هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

438: لبنان أولاً: من عارف النعماني إلى شارل قرم

الحلقة 438: لبنان أوَّلاً: من عارف النعماني إلى شارل قرم
(الأربعاء 26 تشرين الأول 2005)

يومها أراد الأمير فيصل ابن الشريف حسين ضمَّ لبنان إلى أمبراطوريته، فوقف ذاك اللبناني يقول: “لا تُخطئْ يا سُمُوَّ الأمير. ضمُّ لبنان يُتعبك سياسياً، ففيه قامات سياسية من مختلف طوائفه لن ترضى بضمّه إلى أية دولة في العالم. أنصحُك بترك لبنان سياسياً وإقامةِ علاقاتٍ اقتصادية معه تُفيد فيها من اقتصادييه وعقوله وخبرائه”.
وبعد فترة اتّخذ الجنرال غورو إجراءات قاسية بحق اللبنانيين، فوقف ذاك اللبناني يقول: “يا حضرة الجنرال، لن يرضى اللبنانيون أن يخرجوا من نير السلطنة العثمانية ليقعوا تحت نير الانتداب الفرنسي. في لبنان قامات سياسية من مختلف طوائفه تريد استقلال لبنان ولن ترضى بأي انتداب أو احتلال أو استعمار أو أية سلطةٍ غيرِ سلطة لبنان من لبنان وفي لبنان ومن أجل لبنان”.
نتيجةُ ذاك الموقف: أصدر الجنرال غورو أمراً بنفي ذاك اللبناني إلى كورسيكا عقاباً له على الجهر بلبنانيته.
ذاك اللبناني، واحفظوا جيّداً هذا الاسم: هو عارف بك النعماني، ابن بيروت، وسيرته اللبنانية الناصعة موجودةٌ في كتاب الدكتورة فاطمة قدورة أستاذة التاريخ في الجامعة اللبنانية.
وحين نقول “لبنان أولاً” نعود مرجعياً إلى قامات لبنانية صنعت لبنان الحديث لبنانياً أولاً، لا فرنسيّ الانتماء ولا عثماني الهوى ولا انضمامياً ولا استلحاقياً ولا ملحقاً بأية دولة أو أي كيان.
“لبنان أولاً”، يعني لبنان عارف النعماني، لبنان ميشال شيحا، لبنان رياض الصلح، لبنان يوسف السودا، لبنان ميشال زكور، لبنان كمال جنبلاط الذي في محاضرته “واقع لبنان ومرتجاه” على منبر الندوة اللبنانية قال: “ثمة أعماق حضارية تربط أعضاء المجتمع اللبناني تاريخاً وجروداً وسواحل وطوائف”. إنه لبنان جواد بولس، لبنان سعيد عقل، لبنان شارل قرم الذي أسس شعره وتراثه الأدبي كلَّه على لبنان الإرث اللبناني منذ فجر التاريخ.
“لبنان أولاً” أطروحةٌ طويلةٌ أضأنا على بعضها أمس وأول أمس واليوم، ونكمل بعض هذا الضوء غداً، فإلى حلقة الغد.