هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

420: بتر أعضائها جمع لبنان

الحلقة 420 – بَـتْـرُ أعضائها جَمَعَ لبنان
(الجمعة 30 أيلول 2005)

أمس الخميس باحة الـ”إل.بي.سي” في أدما، أول أمس الأربعاء نادي الصحافة في وسط بيروت، وقبله الثلثاء صيدا وصور وطرابلس وحاصبيا وراشيا وبعلبك، وقبله الاثنين ساحة الحرية في قلب بيروت، والكل يتحدّث عن بتر قدَمها ويدِها، لكنّ الكلَّ انطلق من هذا البتر إلى هذا الجمع، وعاد كلُّ لبنان فتوحّد مع كل لبنان، كما كنا شهدنا في 14 آذار وكدنا نفقده بعد 14 آذار. بلى: هي ذي الأصالة اللبنانية تعود فتطلع من زبد الآنيات الزائلة والمتغيرات لتُبرز لؤلؤاً لبنانياً ثابتاً غير متحرك: لبنان الواحد الموحَّد الوحيد المتصالح مع أبنائه المتصالحين في ما بينهم.
كنا نخشى أن ينفرط عقد 14 آذار فيعودَ كلُّ فريق إلى لورداته السياسيين، فإذا العزيزة مي شدياق، بفاجعة فقدان بعضٍ من جسدها، أوجدت لُحمةَ جسد لبنان، عبر الذين، في أدما وبيروت وصيدا وصور وبعلبك وراشيا وحاصبيا، تجمّعوا وجمّعوا واجتمعوا وأجمعوا على أنْ كفى طفح الكيل: هذا هو لبنان الحقيقي، لبنان الأصيل، لبنان الذي عند الخطر يتوحَّد مُجدداً من أقصاه إلى أقصاه، جسداً واحداً يحترم الاختلاف في آراء أبنائه لكنه لا يصل إلى الخلاف على رأْي واحد: لبنان الوطن الأول والأخير، لبنانُ الوطنُ الواحدُ الوحيدُ الموحَّدُ الموحِّدُ أبناءه على الهُوية التي لا إلاّها: الهوية اللبنانية، وعلى الأولوية التي لا قبلها: الأولوية اللبنانية، وعلى الكيان الذي لا يُمَسّ: الكيان اللبناني الذي في ساعة الصفر يهرع الجميع إلى التمسكِ به حامياً وملجأً وملاذاً حنوناً، ونسيانِ كلِ تنظير إيديولوجي آخَر يتطلع إلى شبر واحد خارج هذا الكيان. ولعلّ هذا الالتفاف الهلوع إلى كل شبر من أرض لبنان هو العزاء الوحيد الذي يعوّض للعزيزة مي شدياق فقدانها شبراً من ساقها أو قدمها أو ذراعها فداءً لآخر شبر مقدس من أرض لبنان.