هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

579: المجد للحب… مبروك جورجيت!

المجد للحب… مبروك جورجيت!
السبت 10 كانون الثاني 2009
– 579 –
بعد 33 سنة من الحبّ العاصف، الحبّ الصادق، الحبّ الوفي المخْلص، الحبّ الطالع من نسغ الانتماء المستحِقّ أن يكون “انتماءً حتى آخر العمر”، دخلا الكنيسة، بِحضور شاهدَين، وقالا “نعم”، وخرجَا زوجَين “شرعِيَّين” أمام الله والمجتمع.
هكذا فتحَت جورجيت جبارة وروبير عريضة فجراً جديداً في حياتهما عند فجر السبعين من عمرهما، ليُثْبِتا أنّ الحبّ القويّ لا يعرف المغيب، وأنّ به من القوة أن يبدأ جديداً كلّ يوم، حاملاً معه دفء الأمس الى مشوار اليوم وسعادة كلّ يوم.
هذا هو الحبُّ الحقيقيّ الذي لا يَخاف من الوقت أياماً وليالي، لأن مسافته العمر كلّه، والعمرُ شهقةٌ واحدة لا تتجزَّأ.
الحبُّ الذي يحتمل الانتظار لأن الانتظار في الحبّ يؤجّج الحب الى مساحاتٍ من الشوق تجعل الغياب نابضاً كالحضور.
الحبُّ الذي يتخطّى اليأس (من تَسَلْحُفِ الوقت اللزِج بسبب “الآخرين”)، فاليأْسُ قد ينكسر، لذا يَمضي الحبُّ الى اعتناق الرجاء، والرجاء – مهما طال – لا ينكسر.
الحبُّ الذي ينتصر على الشائعات والأقنعة والألسنة الخبيثة و”الطارئين”لأن الإيمان بالحبّ هو حبل السُّرّة بين الحبيبَين.
الحبُّ الذي يجعل الحبيبة تقول لحبيبها: “وجدتُك، ولن أضيِّعك بعد اليوم، ولن أتركك، حتى آخر العمر”، وتقول له: “في حياتي رجلٌ واحد وحيد: أنتَ. هاتِ يدك، ولنمشِ معاً درب العمر، حتى نَهرم معاً”.
الحبُّ الذي يَجعل العاشق ينذُر لِحبيبته كلّ تنهيدة من قلبه، وكل كلمة يقول، وكل خاطرة يكتب.
الحبُّ الذي يصل في “الصيف الهندي” قبل ساعات من غياب أيلول، ليبقى ربيعاً نضراً يُزهر في قلب الصيف الهندي.
الحبُّ الذي، حين يصل، يلغي ما كان قبله ومن كان، فتبقى من الماضي أطياف تسقط حتى من الذاكرة العذراء.
الحبُّ الذي جعل نقولا زيادة يبلغ التاسعة والتسعين ولا ينفك يُحدّثني عن حب الحياة الطالع من نبضة الحب.
الحبُّ الذي جعل سلمى الحفار الكزبري تردِّد لي أكثر من مرة أنّ أَحَبّ كتبها إليه روايتُها “الحبّ بعد الخمسين”.
الحبُّ الذي جعل توفيق يوسف عواد لا يوصيني إلاّ بـ”معرفة” الحفاظ على الحب، والذي ختم سيرة حياته “حصاد العمر” بِحوار بينه وبين جنديّ سأله عند حاجز تفتيش: “لوين يا ختيار؟” فأجابه عوّاد: “الى موعد حُبّ جديد”.
هكذا جورجيت جبارة: بعد 33 سنة من الحب النابض بالوفاء، تطلعّت وروبير صوب الفجر، أخذّت الى يدها يدَه، ومَشَيَا معاً الى فجرٍ جديد لعمرٍ جديد أعلن ربيعه في مطلع العقد السابع.
مبروك جورجيت. المجدُ للحب. المجدُ للعشّاق. والمجدُ للحياة المشْرِقة من جديد في مطلع العقد السابع.
ذات يوم، كتب شاعرٌ يوم بلوغه الستين: ” أيها العمر، بيني وبينك عهدٌ: إحفظْ لي نَجمتي، وخُذْ مني، لعقدي السابع، غِلالاً لا أنتَ تَخجل بِها، ولا أنا أَهدُرُني الى ما سوى أناقة الستّين. فامنحْني فرصة أن أَفي نَجمتي وفائي بوعدي إياها وعهدي لَها: بَذْر بيادر مقبلة تباركها هي، قدْرَما أنتَ تَمنحني من سنوات”.
وذات يوم، في منتصف عقده السابع، يكون هذا الشاعر جالساً على شاطئ البحر، مع نَجمته الأغلى، سوسنته الوحيدة، هو عيناه الى الأفق البعيد، وهي عيناها العاشقتان الى عينيه، هو يتمتم أبياتاً من شعره في حبِّهما، وهي تردّد معه تلك الأبيات، ويَحمل البحر تَمتماتِهِما، بفرحٍ كثير، الى الشواطي البعيدة.